أ . عالية فريد >> مقالات


معلمة تجهض للمرة الخامسة لتدفع ظريبة الوطن

30 سبتمبر 2000 - أ . عالية فريد

على مدى أربع سنوات من عمرها خسرت خمسة أطفال وهم في طور التكوين ، حيث لم تمر بحالة حمل ولم تشرق لها بسمة في حياتها طيلة أربع سنوات ، ولااعتراض لحكم الله تعالى في ذلك ، لكن حينما تتكالب الظروف التي تمر بها وتعصرها إعصار الرياح وتجرها إلى طريق البؤس والمعاناة وأية معاناة .. إنها الأخت ( مكية الحمدان ) أم أحمد التي تضطر اسبوعيا لقطع مسافة لاتقل عن 700 كيلوا متر ذهابا ومثلها إيابا لأنها معلمة .
معلمة حصلت على وظيفتها قبل أربع سنوات من أجل أن تسد أفواه بحاجة إلى لقمة العيش ، وتقف إلى جانب أسرتها المعوزة من خلال هذه الوظيفة الشاقة . تحملت المشاق والترحال والخوف وبكل ما تملك حتى الطفل بين أحشائها حملته معها في رحلة المعاناة ، إلى إن أصبحت هذه الحياة مستحيلة .
بدأت رحلة الأمل المختلطة بالمعاناة عندما تخرجت ، وفرحت حينما تمكنت من الحصول على وظيفة تساند فيها أسرتها مع دخل زوجها المتواضع ، وتقف إلي جانب أمها كفيفة البصر ، والى كفالة عائلة أختها المتوفاة هي وزوجها فتضمهم إلى أسرتها لتغدق عليهم بالحب والرعايا والحنان ، وترعى مصالحهم .
وجدت في الوظيفة فرجا بعد صبر طويل من ضيق الحال والحرمان من ملذات الحياة المشروعة ، والمال عصب الحياة لاسيما في هذه الأيام ، فجاءها قرار التعيين وحين وجدت أسمها مقرونا بقرية بعيدة تقع على بعد 700 كيلوا متر عن المنطقة ، تفاجأت بذلك لكنها تقبلت الوضع لانه نوع من الظريبة التي يجب أن تؤديها لوطنها وترد له الجميل ، وقبلت الوظيفة في هذه المنطقة النائية وراحت تؤدي واجبها ، على اعتبار أن ينتهي العام في مهمتها هذه بينها وبين مدرستها إلى أن انتهى العام ومر عام وعام وعام لكن بدون جدوى .
تقول الاخت .. أربعة أعوام خسرت فيها أبنائي على أمل انتظار رئاسة التعليم ماذا تقرر؟ ، ففي المرة الاولى أجهضت وأنا بين صفوف الطالبات ، وفي الثانية مع بداية العام الدراسي ، وفي الثالثة في نهاية العام ، والرابعة مع بداية العام الجديد ، والخامسة قبل شهر تقريبا ، وتقول عندما وقع لي الحادث في المرة الاولى توقعت بأنها مسألة عرضية وابتلاء من الله عز وجل ، وأن ذلك حدث ليس بخطير ف ( البطن اللي يجيب مايخيب ) ومع الاجهاض الثاني تولد الخوف عندي بأنني قد لاأنجب فتضاعف الاجهاض الثالث والرابع والخامس وبلغ السيل الزبد ، فبين تحصيل الرزق والامومة فاصل 700 كيلوا متر . فمن يستجيب لمعاناتي من الأيادي البيضاء والقلوب الرحيمة ، إني أناشدكم عبر هذه الجريدة من سيأخذ بيدي ويصنع المعروف ؟ .

أضف تعليقاً