أ . عالية فريد >> مقالات


على الرغم من مبادرات البعض للفوز بخير الدنيا والآخرة

29 ديسمبر 2000 - أ . عالية فريد

انحسار و تراجع العمل التطوعي لخدمة المجتمع
يبادر بعض أفراد المجتمع بالأعمال الخيرية تطوعا, انطلاقا من إحساسهم بآلام الناس وتلمس حاجتهم, فيتبرعون بجهودهم وأوقاتهم وأموالهم لخدمة الآخرين من اجل تحقيق الخير و النفع للصالح العم والمجتمع.
وقد شهد العالم في العقود الثلاثة الأخيرة زيادة ملحوظة في عدد الهيئات و المنظمات الأهلية غير الحكومية, التي تعمل وتشترك في الأعمال التطوعية و الخيرية وأعمال التنمية الشاملة. وبلغ عدد المنظمات غير الحكومية في الثمانينات حوالي 50 ألف منظمة وهيئة في البلدان النامية, تعمل في الميادين التنموية المختلفة. كما قدر عدد الأفراد المستفيدين من خدمات هذه المنظمات والهيئات الأهلية بحوالي 100مليون نسمة في البلدان النامية, منها 60 مليون في أسيا وحدها, و 25 مليونا في أمريكا اللاتينية, وحوالي 12 مليون في أفريقيا, إلا أن هذا العدد لا يمثل إلا خمس الأشخاص, الذين يحتاجون إلى خدمات أساسية. و يمكن أيضا للمتتبع للتاريخ الإسلامي أن يلحظ اثر الأعمال التطوعية في الحياة العامة للمجتمع الإسلامي, فقد ثبت أن المجتمع الإسلامي والدولة الإسلامية في العهد الأول لم ينهضا ويقوما يدروهما الحضاري الرائد إلا بفضل الأعمال التطوعية, التي كان يبذلها أفراد المجتمع الإسلامي.. بل إنها كانت وراء استمرار المجتمع و المحافظة على بقائه.
ولأهمية الدور الايجابي الذي يلعبه العمل التطوعي في حياة الفرد و المجتمع, التقت (الوطن) ببعض القائمين عليه لتلمس أثاره الاجتماعية و ما يواجهه من عقبات.العمل التطوعي يقضي على الفراغ

يقول صالح إبراهيم(مؤلف و كاتب من المنطقة الشرقية, وله دراسات حول هذا الموضوع):
العمل التطوعي هو احد الأبعاد الرئيسية, التي تسهم أهاما كبيرا في الحفاظ على القيم الإسلامية ودوام استمرارها في المجتمع الإسلامي, بحيث لا يشذ عنها المجتمع أو يستبدلها بقيم أخرى, لان وظيفة العمل التطوعي تمثل هذه القيم واحتضانها ودفع افردا المجتمع نحو تحقيقها و تطبيقها في الواقع العلمي.
ويضيف قائلا إن أفراد المجتمعات الخليجية يعانون من أوقات الفراغ, وذلك لوجود التشريعات التي تقلل من ساعات العمل الأسبوعية, وطول الأجازات والعطلات السنوية, وكذلك العطلات المدرسية الصيفية, مما يجعل هذه المجتمعات في حيرة من أمرها في كيفية التعاطي مع هذا الكم الهائل من أوقات الفراغ, فلا يزال الإحساس بقيمة الوقت مفقودا عند الكثير, ولا يزال الاهتمام باستغلال أوقات الفراغ غائبة من حياتنا, كما إن كثيرا من الأوقات الحرة في حياة الأفراد تذهب هباء بلا فائدة, كجلسات السمر و التجول في الطرقات واللعب و اللهو وغيرها. لذلك, يجب استثمار الوقت بالمشاركة في الأعمال التطوعية التي تهدف إلى خدمة المجتمع.

لجنة إصلاح ذات البين

وويشير طاهر الشميمي عضو جمعية العوامية ورئيس لجنة إصلاح ذات البين إلى أن العمل التطوعي بدا ينمو, لكن ليس بحجم الحاجة بل بدرجة اقل من الحاجة, فالانتماء للعمل التطوعي في المجتمعات الأوربية والغربية اكبر, ولا يقاس بمجتمعاتنا التي تعيش في حالة عزوف عن التطوع للعمل الخيري. وارجع السبب في ذلك إلى تعقيدات أمور الحياة التي أعاقت الكثير من الشباب عن الالتحاق بالعمل التطوعي, بينما توجد بارقة أمل تبشر بالخير, فلدينا في لجنة إصلاح ذات البين أعضاء من حملة تخصصات مختلفة, منهم عالم نفس اجتماعي واختصاصي نفسي و عالم بالإدارة الفقهية, وكل ما يتعلق بالأمور الشرعية لترجمة دراساتهم على واقع المجتمع.

إحياء ثقافة العمل التطوعي
أما مهدي حسن الناصر, احد مؤسسي جمعية سيهات الخيرية, هي أول جمعية خيرية تأسست في السعودية عام 1382هـ, فيقول: لولا السعي للأعمال التطوعية لزادت حالة البؤس و الشقاء في المجتمع. وأشار إلى أن المجتمع يفتقد- للأسف الشديد- إلى ثقافة العمل التطوعي و أكثر الناس يميلون إلى لخلود وحب الراحة.

الشباب الجامعي أمل المستقبل

ويؤكد أبو حلمي الشماسي, رئيس (سابق) لجمعية القطيف الخيرية وظل لأكثر من 50 سنة يمارس العمل الاجتماعي والخيري, إن العمل التطوعي واجب وطني, وشرف كبير لمن يقوم به. وقال انه لا يرى سببا لعزوف المجتمع عن العمل التطوعي, مشيرا إلى حب المجتمع للخير, لاسيما ما يتمثل في إقبال الشباب الجامعي على العمل الخيري, ويضيف إن السبب في ابتعاد الناس هو قصور القائمين على الأعمال الخيرية أنفسهم في عدم التوجه لشرائح عديدة من الناس, وإيجاد أفكار جديدة نشطة و حيوية يتفاعل معها المجتمع كمشروع كافل اليتيم مثلا.

زوجي يذكرني بمواعيدي

و التقت (الوطن) بالمواطنة زهرة علي الخليفة- متطوعة من مدينة سيهات- حيث أكدت إن مجالات العمل التطوعي التي حث عليها الدين الإسلامي كثيرة, ومنها الرعاية الاجتماعية للطبقات المحرومة كالأيتام والفقراء والمساكين ورعاية المرضى والمحتاجين, والعناية بالعجزة والأرامل و المطلقات وقضاء حوائج الناس, الأمر الذي يساعد على تحسين الأحوال المعيشية و تحقق السعادة و التقدم للمجمع.
و تضيف إن حبها للعمل الاجتماعي هو ما يدفعها للعمل كمتطوعة, مشيرة إلى أنها تخدم المجتمع منذ 13 سنة, وتمارس دورها بشكل جيد في رعاية اسر الأيتام, والإشراف على بعض العائلات الفقيرة والمحتاجة.
وردا على سؤال حول تأثير عملها التطوعي على حياتها الأسرية, قالت هناك بعض المشاكل, التي تقع بعض الأحيان بسبب تأخرها خارج المنزل, ولكنها لا تستمر إلا فترة وجيزة وتنقضي, فزوجها يتعاون معها, ويذكرها بزيارة بعض العائلات, التي طال غيابها عنهم.
أما المواطنة خضراء مبارك, التي تشرف على مشروع (طبق خيري) في إحدى قرى القطيف منذ أكثر من 15 سنة في رعاية الفقراء والمحتاجين إن للعمل التطوعي الخيري فوائد قيمة ينالها المتطوعون في الحياة والآخرة, وتتمثل في الثواب والأجر العظيم الذي وعد به الله سبحانه وتعالى كل من فعل خير أو أسدى خدمة للمجتمع.

800 متطوع بمهرجان الزواج الجماعي
أكد رئيس مهرجان الزواج الجماعي هاشم علوي لشرفا أن لدى المهرجان 800 متطوع في كل مهرجان يقام. ووصف ذلك بأنه مظهر حضاري للمجتمع. ويرى أن انصراف البعض عن المشاركة في الأعمال التطوعية دليل على حب الذات, فالبعض يعتبر إن هذا العمل عبئا عليه, بينما العمل الخيري يخدم الشخص أكثر مما هو يعطي له لأنه يعطي خير الدنيا والآخرة. كما أوضح الشرفا أن العمل التطوعي عمل جماعي لا ينتهي بنهاية الفرد. وعبر عن أمله في إيجاد إلية جديدة ودورات تدريبة لكل المتطوعين في مختلف المجالات.

—–

الوطن (91) السنة الأولى 

أضف تعليقاً