أ . عالية فريد >> مقالات


عولمة الرشاقة مصدر قلق (إعجاب إلا بالمذيعات أمام البنت يسبب لها الإحباط)

2 يناير 2001 - أ . عالية فريد

أصبحت الرشاقة اليوم حلم كل امرأة, ولكنها من جهة أخرى مصدر قلق يراود غالبيتهن, ويعلل البعض منهن الحاجة للرشاقة لأسباب صحية, وتفاد لبعض الأمراض كارتفاع ضغط الدم, والسكري, وازدياد نسبة الكولسترول في الدم وتجلط الشرايين, وتلجا الأكثرية منهن إلى إنقاص الوزن لأسباب جمالية في اغلب الأحيان, وللحصول على جسم نحيل ممشوق القوام معتدل القامة حتى أصبح جمال الجسد هما من الهموم الكبيرة تسعى إليه الأكثرية.
كان للإعلام والبث الفضائي دور كبير في تعميق المفهوم وتجذيره في نفوس النساء مستغلين في ذلك ضعفها وأنوثتها. هذا ما نراه ونلحظه في الصحف و المجلات, وفي وسائل الإعلان, ودخلت متاحف العرض باختيار ملكة جمال, أو عارضة أزياء, أو مذيعة فضائية. ولا احد يقف ضد الرشاقة و الجمال.لكي لا تكون الرشاقة فاقة؟؟

عندما تتحول الرشاقة إلى هم يطارد المرآة, ويشغل حيزا كبيرا من تفكيرها, يصبح شغلها الشاغل هو النظر في المرآة لساعات طويلة بحثا عن نواحي النقص في شكلها و مظهرها, وبالتالي يتحول هذا الهم إلى عقدة تؤثر على سلوك المرآة.
فمن الناحية الاجتماعية, إذا كانت المرآة بدينة-سمينة- فإنها تلجا إلى التقوقع والانعزال, أو تعيش اضطرابا نفسيا مستمرا, بحكم إن نظرتها إلى جسمها و مظهرها الخارجي هو الذي يتحكم في علاقتها مع الآخرين. أما إذا كانت تتبع نظاما غذائيا أو حمية قاسية- كانطمة الرجيم المتنوعة- أو ما يسمى اليوم بنظام الرجيم الكيميائي و ما يتبعه من مضعفات صحية وغيرها, فان لذلك تأثيرا سلبيا ليس على المرآة فحسب, بل حتى على أبنائها لا سيما الفتيات, حيث يؤثر هذا النظام عليهن, فيتسرب إليهن القلق بشان وزنهن و قوامهن. وفي هذا الجانب تعرض الدكتورة جوان كرايسلر أستاذة علم النفس في كلية كوتكيت بالولايات المتحدة الأمريكية نصيحتها لكل امرأة تبحث عن الرشاقة قائلة”عندما تتخذ ألام حمية لإنقاص وزنها, يجب أن لا يؤثر ذلك على الأسرة, فالمشكلة تكمن في المقارنة فأنها أكثر العبارات شيوعا كان تقول ألام(ليتني أتمتع بقوام رشيق كعارضة الأزياء) أو(لم لا أبدو نحيلة مثل المذيعة الفلانية) وهذه عبارات سلبية تظهر للابنة أن أمها تعاني نقصا ما. وهذا يدفعها أن تقضي وقتا طويلا للوقوف بين المرآة بحثا عن نواحي النقص في شكلها, وتضيف قائلة” إن مثل هذه العبارات السلبية بعبارات ترسخ في الابنة إحساسها بتميز أمها و تفردها, لذلك يجب استبدال هذه العبارات السلبية بعبارات ترسخ في الابنة إحساسها بقيمتها وامكاناتها, عبارات تبين لها إن الجمال الداخلي هو الأهم, وان كل امرأة- بل في حقيقة الأمر كل فرد- لديها ما يميزها عن الآخرين, ولا يتعلق الأمر هنا بالشكل الخارجي, بل قد تكون موهبة ما, أو تمتلك روح مرحة, أو لمهارة رياضية معينة و ما شابه ذلك”.

أيتها الرشيقة. لا تحرمي أبناءك لذة الطعام!

في محاولة التزام ألام برجيم ما, فأنها تبتعد عن تناول الكثير من الأطعمة وهذا أمر طبيعي, لكن المشكلة تظهر عندما تبدأ ألام بوصف هذه الأطعمة بأنها ضارة و غير مفيدة و يجب الابتعاد عنها, فاللحوم الحمراء تحوي زيادة في الدهون, والنشويات ذات سعرات حرارية, و البيض والألبان والشاجبان ترفع معدل الكولسترول, والبقولياتتعمل على تكسير خلايا الدم و…و.الخ, إذن ماذا بقي للأكل؟. فهذا النظام يدوره يحرم الأبناء من الاستمتاع بالطعام ويقلل الاستفادة منه, مما قد يسبب لهم اضطرا بات غذائية هم في غنى عنها. تقول د/كرايسلر” عندما تصف ألام الأطعمة بأنها ضارة يجب الابتعاد عنها, فهذا يجعل من الصعب على الابنة تعلم كيفية الاستمتاع بتناول وجبتها, لأنه يرسخ في ذهنها أن الحفاظ على شكلها الخارجي و الحصول على حسم نحيل لا يتم إلا من خلال حرمان نفسها من بعض هذه الأطعمة”. و تضيف قائلة” الحل هنا هو تعليم الابنة عادة غذائية جيدة, وأتباع نظام غذائي متوازن, بدلا من التركيز على إحصاء السعرات الحرارية في كل نوع من الطعام”.
و تمتد معاناة الباحثات عن الرشاقة لتنال من الزوج أيضا, فتمتنع الزوجة عن الطبخ, وعندها يجد الزوج طريقه إلى المطعم, أو يستسلم لأكلا المشوي و المسلوق, حسب ما يتناسب مع نظام الرجيم. وهنا تكون المرآة قد فتحت على نفسها بابا لإثارة المشاكل الأسرية, وفي حياتها الزوجية, هذا أن لم يكن هناك تعاون بين الطرفين.

الرشاقة مصدر من مصادر الاستهلاك

تعددت الأساليب و الوسائل في ابتكار أحدث وارقي ما وصلت إليه التكنولوجيا الرياضية اليوم, فتم اكتشاف أجهزة متعددة في الإشكال والإحجام والأوزان, كلها من اجل الحفاظ على الرشاقة, ورعاية جمال الجسد النحيف. ابتداء بجهاز تنحيف الخصر, وأخر لشد عضلات البطن, وجهاز للرقبة وأخر للذراع, وجهاز للمفاصل, وجهاز لتقويم الصدر والذراعين.الخ. لقد أصبح جمال المرآة هما ليس خاص بها فقط! بل خاصا كذلك بشركات الإنتاج العالمية, لتوريد كل ما هو قديم و جديد في عالم جمال الجسم, ولأننا مع الأسف الشديد في عالمنا الشرقي لسنا معتادين على الرياضة, أصبحت بيوتنا لا تخلو من ثلاثة اواربعة أجهزة رياضية, إما للتباهي بها إمام الآخرين لأنها من مدلولات التحضر و مواكبة العصر, وإما لاستخدامها عند العجز, أو الإصابة بمرض في العظام لا سمح الله, وتعددت الشركات متعددة الجنسيات بجلب كل ما تمتلكه من أدوات رياضية و جمالية و تجميلية فالرشاقة لابد لها من الأناقة, والأناقة تعني مكياج, اكسسوارت, حقائب, أحذية, فولارات, قبعات, معاطف, حلي, و غيرها, حتى عين المرآة لم تسلم فوفروا لها العدسات بمختلف الإشكال والألوان. رموش, شعر, أظافر.. الخ كل ذلك مطلب للسيدة الرشيقة, وما المانع إن كانت ستدفع!! هكذا عولموا جسدها. وباب مفتح لمنتجات الكون من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب.

—–

الوطن (95) السنة الأولى 

أضف تعليقاً