أ . عالية فريد >> مقالات


خريج الثانوية يقضى 22 ألف ساعة أمام الشاشة و 11 ألف ساعة في غرف الدراسة

19 فبراير 2001 - أ . عالية فريد

(Space.tone) تسحب البساط من الفضائيات ة تحشد الأطفال أمام شاشتها!
وعت أجهزة الإعلام المختلفة أهمية حاجة الطفل-النفسية و الجسدية- وسعت إلى استغلالها بقدر ما تستطيع من إمكانات، فوضعت الطفل كركيزة أساسية تعتمد عليها في مقدمة برامجها المختلفة، وتتنافس فيها بينها لإعداد هذه البرامج. و تبقى الفضائيات صاحبة الميدان الأول في السيطرة على عقلية الطفل، حيث إن الصورة تمثل منذ مطلع التسعينيات الجزء الرئيسي في الآلة الإعلامية، التي تمتلك قوة خاصة في التأثير على الطفل.
وقد نبه أبو الحسن صادق الأستاذ بالجامعة الماليزية في كوالالامبور إلى أن مشاهدة التلفزيون ربما تعد ثاني أهم النشاطات التي يمارسها الطفل بعد النوم، وفي دراسة أجريت في باكستان تبين أن 30%0 من الأطفال يقضون وقتا أمام شاشات التلفزيون أطول مما يقضونه في مدارسهم، وعندما يكمل الطالب دراسته الثانوية يكون قد قضى 22 ألف ساعة من وقته أمام شاشة التلفزيون أطول مما يقضونه في مدارسهم، وعندما يكمل الطالب دراسته الثانوية يكون قد قضى 22 ألف ساعة من وقته أمام شاشة التلفزيون، و11ألف ساعة فقط في غرفة الدراسة، أي إنه تلقى من التلفزيون ضعف الذي تلقاه في مدرسته.
و ندرك كآباء و مربين حجم الآثار الإيجابية التي يتركها التلفاز في عقول أطفالنا، وبالذات تلك التي تتعلق بتوسيع المدارك ونشر المعارف وتوفير فرصة أكبر للتنشئة الاجتماعية.
لكن ما يؤسف له هو أن يطغى حجم السلبيات على الإيجابيات المرجوة ولأهداف المنشودة من هذا الجهاز، وقد تشكل خطرا كبيرا في عقول أبنائنا دون أن نشعر، فيؤدي ذلك إلى إعاقة نموهم المعرفي، و تعزيز سلوكهم العدواني، ونقص تفاعلهم مع المحيط العائلي و الاجتماعي.
وهذا ما نلحظه الآن، فقد ولى جيل (الميكي ماوس) ليخلف اليوم جيل جديد يحمل شعار(البيكاتشوا و البيكمون) بعرض قصة يابانية لمجموعة أطفال كل منهم يقذف كرة تتحول إلى حيوان أو (بيكمون) يستعرض قوته في التغلب على الطرف الآخر. مخلفة في ذهنية الطفل أفكارا مغايرة عن الواقع، وخيالا بعيدا لا حدود له، مكرسة في داخله مظاهر العدوان و العنف التي يترجمها و يحولها بلغته إلى بطولة، فسرعان ما يتقمص شخصياتها و يقلدها حتى تصبح نموذجا له في كل سكناته و حركاته، ويقتني صورها ليلصقها على ملابسه ودفاتره وغرفة نومه.
يقول عالم النفس (وايت): إن عملية المشاهدة التلفزيونية تزيد من النزعات السلبية في الفرد، حيث إن المشاهد يجلس ساكنا يتقبل ما يعرض علية دون القيام بأي نشاط إيجابي، فكلما يطعم الطفل طعامه بالملعقة، يطعم التلفاز مشاهديه بأفكاره، و تتخمر في أذهانهم لتصبح لها منطقا في الحياة.
وقبل قرابة السنة عندما ظهرت قناة(Space.tone) الخاصة بالأطفال و التابعة لقناة البحرين الفضائية، التي تبث من الفترة الصباحية و حتى السادسة مساء تقريباً، وعلى الرغم من قصر الفترة التي مرت على وجودها، الإ أنها استطاعت أن تتغلغل إلى قلب الأطفال و استطاعت أن تسحب البساط من القنوات الأخرى، إذا إنها قامت بإعادة و تحديث وجلب جميع الأفلام و المسلسلات الكرتونية من جميع أنحاء العام وقامت بد بلجتها (تعريبها), الأمر الذي أضفى عليها صبغة خاصة جعلت من الأطفال يتشبثون بها حتى آخر ساعة بث. إلا أن الخطير في الأمر أنها شدت نظر الطفل المشاهد بحيث إن الأطفال تركوا أشياء كثيرة في حياتهم كمذاكرة الدروس أيام الامتحانات، و تنمية المهارات اليدوية و العقلية وحتى ممارسة حياتهم البسيطة في اللعب و المرح.
و على الرغم من التحذيرات التي تضعها القناة المذكورة، كأهمية مراجعة الدروس وطاعة الوالدين وهي أمور جيدة لا ننكرها، لكننا بحاجة لاستشراف أكثر و توعية أوسع و أكبر، فما هو السبيل للخروج من هذا المأزق الذي انحسر فيه أطفالنا اليوم أمام وسائل الإعلام؟ أليس ذلك خلافا ما صدقت عليه الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل (صادقت عليها الأمم المتحدة في عام 1989م) والتي دعت إلى ضرورة العناية بخلفية الطفل في الخصوصيات الدينية و الثقافية و اللغوية.
فهل يمكن الحفظ على هذه الخصوصيات في ظل هذا الفضاء الواسع من الإعلام؟ وهل بإمكاننا الخروج من دائرة الصمت لنتولى دور التوجيه و المراقبة؟.يوصي بعض التربويين بوجوب التعامل مع الأطفال بحزم، ويحذرون من وضع التلفاز في غرف نوم الأطفال، حتى لا ينصرفوا إلى المشاهدة دون رقيب أو موجه. كما ينصحون الأم بحكم تواجدها المستمر في البيت بمشاركة الأبناء في جلساتهم و مناقشتهم في كل موقف سيئ يتعرضون له، حتى تبين لم الغث من السمين و الخير من الشر.

—–

 الوطن (143) السنة الأولى 

أضف تعليقاً