أ . عالية فريد >> مقالات


بركة العمر في حسن العمل (أحيانا. أحلام ما بعد التقاعد ترى النور!)

5 مارس 2001 - أ . عالية فريد

يعطى العمل الإنسان شعورا بقيمته وأهميته الاجتماعية، ويقيه شر الفاقة و الحاجة للآخرين. لكن ما هو مصير العامل بعد التقاعد؟ هل فكر في استثمار وقته؟ وهل هناك مشاريع وخطط عمل؟ والى أي مستوى يعمل المتقاعد لتحقيق أهدافه؟ كيف كانت آمه وتطلعاته قبل التقاعد و بعده؟
أم يقع في مصيدة الملل و الكآبة التي تتربص لهم بالمرصاد؟ فقد ذكرت دراسات نفسية حديثة بأن هناك 24.3% من المسنين المتقاعدين يعانون حالات الاكتئاب.
التقت(الوطن)أبو أشرف أحمد عبد الكريم متقاعد (ثلاثة عشر عاما) كان يعمل في القوات الجوية يقول” بطبيعتي أحب العمل و الحركة، و العلاقات الاجتماعية، لذلك كانت فترة راحتي بعد التقاعد أقل من سنة، التحقت بعدها بالعمل التطوعي واستلمت رئاسة الجمعية الخيرية في مدينة(صفوى) لمدة أ؟بع سنوات تقريباً، ثم رشحت مديرا عاما للجمعية التعاونية و مازلت أعمل بها، بالإضافة إلى أنني مجند لمساندة الأعمال الخيرية، و المشاريع الاجتماعية.
و يقول أبو عبد الله سعيد اسألوني عن كل المؤذنين لصلاة الفجر، أخبركم عنهم واحدا واحدا، فمازلت محافظا على نظام التوقيت، فلمدة خمسة و أربعين سنه أصلي الفجر ولا أنام، و برنامجي أقضيه في زيارة بيوت أبنائي و مزارعهم، وفي دكان صغير في حارتنا أجتمع فيه مع أصدقائي نعيد فيه الذكريات و الحنين إلى الماضي، وقبل سنتين التحقت كمرافق لحملات الحج و العمرة.
متقاعد يسوق “تاكسي” و يشير أحمد التركي حديث التقاعد، إلى أن البعد عن العمل يعرض صاحبه إلى الكسل و الخمول و ارتخاء الأعصاب، لذلك لم يتحمل كثرة الجلوس في البيت، فعمل سائق تاكسي و يوصل الطالبات و المعلمات و أبناء الجيران إلى مدارسهم.
أما هاشم نعمة فله ست سنوات منذ أن تقاعد يقول” أشعر براحة نفسية تامة بعيدا عن قيود العمل و التزاماته الروتينية، ولدي أعمال و مشاريع خططت لها قبل التقاعد، فأنا أشرف بنفسي على إنشاء بناية و أتباع العمل خطوة خطوة، ولدي مزرعة صغيرة حولتها إلى استراحة أذهب إليها بين الحين و الآخر”.
وحول التقاعد المبكر، يشير يس السيد علي متقاعد منذ عام و يقول”من الضروري أن يهيئ الإنسان نفسه لهذه المرحلة، و يعد خططا و برامجا تتناسب مع حياته، أنا مرتاح جداً لأن الفرص التي أمامي كثيرة، و أستفيد منها أكثر من السابق بالذات في بناء الجانب النفسي و الروحي فأشارك في تشييع الجنائز، و أواظب على صلاة الجماعة، و أصوم في الأيام المستحبة وأذهب للحج و العمرة باستمرار. و تجمعنا جلسات قراءة و مناقشة مع العائلة، و لأنني أحب القراءة لا تفوتني قراءة الصحف اليومية و بعض الكتب الدينية”.نساء متقاعدات
ومن وجهة نظر النساء المتقاعدات تميل الأكثرية منهن إلى الاستقرار، و المكوث في البيت و التفرغ للزوج و الأولاد.
تقول فاطمة راشد معلمة (الخبر) متقاعد قبل عدة أشهر ” المدرسة ارتباط و التزام ودوام و أنا أحب أن أعطي بلا حدود ولا أقصر في عملي، مقابل ذلك اتخذت القرار بالتقاعد المبكر و 20سنه في نظري تكفي لعطاء المرآة، و بالذات إذا كانت ظروفها مستقرة، وبتالي تفتح المجال للأخريات”.
وما إذا كان زوجها عارض قرار التقاعد؟
أجابت قائلة “زوجي إنسان متهم ويقدر عملي، لكنه ترك لي حرية اتخاذ القرار، مؤكداً لي (لا تقولي بكرة أنك طفشانه)و تلوميني فيما بعد، فقرارك بيدك”.
و تضيف زينب معلمة لغة عربية في المرحلة الثانوية ولم تتقاعد بعد “أن المرآة أكثر ازدحاما في عملها من الرجل، لأنها تعمل في مجالين المدرسة و البيت، و فور أن تنتهي من المدرسة يجب أن تتفرغ كليا للبيت. أما بالنسبة لي فإذا شعرت بأي فراغ بعد التقاعد فسوف أنمي موهبة الكتابة لدي، فأنا أعشق الفصحى ومن أجلها تحملت التعب فهي التي حافظت على موهبتي، ومن خلالها يجب أن أبني بقيمة عمري”.
وتتمنى فاطمة نصفان مراقبة في المدرسة المتوسطة أن تتقاعد سريعا لتتفرغ لرعاية الزوج و الأبناء، و تعبر عن ذلك قائلة”لم نقصر في خدمة الوطن و المجتمع، وآن الأوان لنواصل العمر في الاهتمام بالأسرة و الأولاد، فأنا أحن إلى اللحظة التي أستقبل فيها ابني وهو عائد من المدرسة يسألني، ماذا طبخت لنا من غذاء”.

تكريم المتقاعدة ضرورة

أما فاطمة قريش أم بسام، متقاعدة بعد 26سنه خدمة فقالت “كانت لي أحلامي قبل التقاعد بأن أفتح مركز خياطة لأنني مولعة بها، لكن مكافأة التقاعد لم تكن كافية، فعملت على ترميم منزلي وصيانته. أما وقتي فأقضيه في زيارة الأقارب و المشاركة في الأعمال الاجتماعية، وزيارة المدرسة بين آونة و أخرى، وأحلى لحظات عمري عندما كرمتني المدرسة، فسألتني مساعدة مديرية التوجيه لماذا استعجلت و أقدمت على التقاعد المبكر؟ فقلت لها يكفيني فخرا أن كل هؤلاء المتفوقات من المدرسات هن بناتي”.

—–

الوطن (157) السنة الأولى 

تعليق واحد على “بركة العمر في حسن العمل (أحيانا. أحلام ما بعد التقاعد ترى النور!)”

  1. ندى علق:

    كلام جميل ولقد اعجبتني كثيرا الكلمات المختارة سلمت اياديكم وجعلكم الله للافضل

أضف تعليقاً