أ . عالية فريد >> حديث الشهر


أبنائنا المعوقين أمانة في أعناقنا

31 مارس 2005 - أ . عالية فريد

كيف يجب أن نقف معهم وماهو دور الإعلام المطلوب؟
الإعلام هو سلاح العصر ويلعب دورا كبيرا في عملية التوعية وإثراء عقلية المجتمع، وله تأثيره المباشر وغير المباشر على مختلف الشرائح الإجتماعية، لاسيما فيما يرتبط ببث هموم الناس ومعالجة مشاكلهم. وقضية المعاقين تعد من إحدى القضايا الهامة والرئيسية التي تستوجب أن يتعاطى معها الإعلام بشكل واضح وكبير، فنسبة المعاقين في المملكة لايستهان بها وهي ليست مسؤولية أب وأم وأسرة فقط بل هي مسؤولية مجتمع بأكمله، فنسبة الإعاقة في السعودية قديما حسب ما أظهرته نتائج المشروع الوطني للمسح الشامل لحالات الإعاقة ومنشآت التأهيل بالتعاون مع وزارة الصحة بلغ (700) سبعمائة ألف معاق نسبة الذكور منهم 55.8% والإناث 44.2% ، وخلال هذه السنوات الأخيرة فعدد المعاقين تجاوز المليون وبعض الدراسات تؤكد على وجود مليون ونصف معاق في السعودية، وتفيد بعض الإحصاءات الصادرة عن المشروع الوطني لأبحاث الإعاقة أن عدد المعوقين سمعيا في السعودية يبلغ نحو (100) ألف طبقا للتعداد السكاني الأخير أي بنحو 13% ، وهي مرتفعة نسبة للدول المتقدمة، وعلى الصعيد ذاته فإن عدد المعوقين بصريا يصل إلى (900) ألف شخص، وعلى نحو آخر فقد تبنت الدولة العمل على تقديم الدعم والرعاية بما يعينهم على سد بعض إحتاجاتهم الأساسية عن طريق ماتقدمه وزارة الشؤون الإجتماعية من إعانات مادية سنوية جزءا منها عينية، كما تم تأسيس مراكز إيوائية تشرف على تقديم مختلف أنواع الرعاية الصحية والنفسية والخدماتية، وتم إنشاء مجلس أعلى لرعاية المعاقين قبل ثلاث سنوات تقريبا برئاسة سمو ولي العهد للنظر في إمورهم والسعي لحل مشاكلهم وإيجاد فرص للتقدم بتحسين مستوى خدماتهم وتطويرها بما يتناسب مع مؤهلاتهم الذاتية، كما تم العمل على إيجاد مراكز متخصصة تشرف على تأهيل المعوقين وتدريبهم وتنمية مهاراتهم المختلفة، وأقيمت المراكز العامة والخاصة الخاصة في مختلف مناطق المملكة لإستيعاب أكبر عدد ممكن من متعددي إلإعاقات بمختلف المراحل العمرية، ورغم ذلك لازال الكثير من هذه الحالات حبيس البيوت والمنازل لاسيما في الأرياف والقرى الصغيرة فبفعل عوامل الجهل والفقر وعوامل الوراثة وزواج الأقارب تتزايد هذه الحالات، والبعض الآخر لم تستوعبه إلا أرصفة الشوارع والطرقات، هذا بالإضافة للحواجز النفسية التي تمنع الآباء من إلحاق أبنائهم بهذه المراكز رغم ماتقوم به من رعاية وما تبذله من جهود في عملية التوعية والزيارات الميدانية وحث الأهالي تجاه ضرورة إخضاع هؤلاء الأبناء للتشخيص والعلاج إلا أن كل ذلك لايكفي..

فأين هو دور الإعلام في طرح هذه القضية؟ وأين هو دور وزارة الشؤون الإجتماعية ووزارة الصحة ووزارة التربية والتعليم من يهمهم الأمر بالدرجة الأولى في طرح هذا الموضوع؟ فهل يكفي أن تطرح قضية المعاقين بشكل جزئي وبإستحياء يمر عليها مرور الكرام؟ أم يكفي أن نحتفي بهم بضعة أيام معدودة نفخر فيها بالإنجازات الكبرى التي تم تحقيقها في خدمة هذه الفئة الضعيفة وهي لا تزال بعد لم تستكفي حاجتها من المجتمع ومن الجهات المختصة؟

أليس أحد أهم أهداف الإعلام معالجة مشاكل المجتمع! فأين هو إعلامنا من هذه المعاناة ومامدى تحسسه لحجم الألم الذي تعيشه كل أسرة تضم بين أفرادها معاقا وربما أكثر وأين هو موقع إهتمام وزارة الثقافة والإعلام من نشر قضية المعاقين؟ وياترى كم خصصت من الوقت في مساحتها التفزيونية لتعطي لهذه الفئة؟

يجب أن نعترف بالتقصير الشديد في مؤسساتنا التربوية والإعلامية تجاه تنمية مفاهيم الإهتمام بالمعاقين وطرق رعايتهم وتأهيلهم للمجتمع وكيفية التعامل معهم كبقية الأفراد الآخرين بحاجة إلى الحب والعطف والإهتمام وليس للشفقة الآنيـــة فقط.

إن إعلان إقامة مهرجانا خاصا للإهتمام بأطفال «التوحد» على مستوى المملكة بإسم الحملة الوطنية وبإشراف مركز الأمير سلطان بن عبد العزيز في تاريخ 23-27 /1426هـ خلال هذا الشهر يعد مناسبة وبادرة جيدة يشكر القائمين عليها، ولكن أتمنى أن تكرر وتخصص أيام أخرى مماثلة يتم التركيز فيها على مختلف الإعاقات الأخرى ويتم فيها تحريك وعي المجتمع وتثقيفه من خلالها، فهذا اليوم فرصة لتوجيه الأنظار إلى هذه القضية.

 
ومن مظاهر وأساليب تفعيل هذا اليوم وهذه المناسبات يتم عبر المؤسسات ذات التأثير الفاعل إجتماعيا وأرى ذلك عبر مايلي:

 
1- دور الإعلام.. فمما لاشك فيه أن دور الإعلام كبير وخطير في تأثيره وتشكيله على وجدان ومشاعر وضمير المواطنين، بل وفي إعطاء المناسبات أهميتها أو تهميشها والمرورعليها جزافا ومن هنا أقترح العمل على التالي:

• شرح وتوضيح الأهداف التي من أجلها تم الإحتفال بهذه المناسبة.

• تخصيص برامج جديدة إسبوعية أو شهرية في الدورة الإعلامية لهذا العام لحلقات مناسبة للمتخصصين داخل المملكة وخارجها للإطلاع على رؤيتهم ومقترحاتهم وطرق معالجاتهم لاسيما أننا نواجه صعوبة في التشخيص لبعض الحالات الغير واضحة.

• تخصيص حلقات للإستماع إلى المواطنين ومشكلتهم فيما يرتبط بالموضوع الخاص بالحلقة وتكون خاصة بالأسر والأهالي والإقتراب من معاناتهم.

• تنظيم لقاءات ثقافية للمناسبة في كل مركز وكل مؤسسة إجتماعية تضم المناسبة يتم فيها تبادل وجهات النظر.

• تغطية المناسبة عبر وسائل الإعلام المقروءة بمختلف جوانبها.

2- دور المساجد والعلماء..

• لاشك أن للعلماء دورهم الريادي في توجيه فكر المجتمع فهم الدعاة إلى الله وواجبهم الإنساني والديني والوطني يحتم عليهم الإهتمام بهذا الجانب ويأتي دورهم في تفعيل المناسبة بالتركيز على الحقوق والقيم الإنسانية والإسلامية التي غرسها الدين الحنيف في النفوس فهو دين الرحمة والألفة والشفقة والإحسان لاسيما التركيز على حقوق المعاق أوصاحب العاهة بأنواعها ماله وماعليه.

• تناول موضوع أبنائنا المعوقين ضمن أطروحات العلماء المهمة في مواسم التثقيف العام كبقية المواضيع الأخرى.

• الحث على مساندة المؤسسات والمراكز الخاصة بالمعوقين بتخصيص جزء من أموال الخمس والزكاة فهي تساهم في كفالة يتيم معوق أوفقير، وفي توفير أجهزة خدماتية وعلاجية يحتاجها الجميع.

• دفع المؤسسات التجارية لتقديم الإعانات والمساعدات العينية الللازمة.

• دعوة المجتمع تجاه جعل – الصدقة الجارية – وقفا ساريا للمتوفى في خدمة المعاق.

3- دور المدارس.. والأساتذة.. للمؤسسات التعليمية والتربوية دور كبير في التنشئة وغرس القيم النبيلة في نفوس الكثير من الطلاب، وإهتمامها بمناسبة المعاق وطرح قضاياه لايبعد عن هذه القيم لذلك أرى من الضروري العمل على مايلي:

• إحياء دور المسرح المدرسي في إحياء المناسبة، والعمل على إعداد برامج في كل مدرسة عن طريق محاضرات أوندوات أو بحوث ومواضيع لمادة التعبير، ودعوة أولياء الأمور للمشاركة والحضور.

• القيام بزيارات موسعة في المنطقة وخارجها برفقة مجاميع طلابية للمراكز والمعاهد والمؤسسات الخاصة بذوي الإحتياجات الخاصة في كل منطقة لتحسس المشكلة ومعايشة الموضوع عن قرب.

4- دور الآباء ووجهاء المجتمع..

• التأكيد على إجراء الفحوص الطبية ما قبل الزواج، والفحوص الوراثية أثناء فترة الحمل.

• الفحص الدوري المستمر والشامل ليس على المواليد فقط، وإنما أطفال المدارس وأخص – طلاب المرحلة الإبتدائية بنينا وبنات للحد من ظهور أي إعاقة بسيطة قد تستفحل في المستقبل وتجعلنا نتفاجأ إن إبننا الخريج من الثانوية لايعرف القراءة والكتابة نتيجة الإهمال.

• الدعم المادي والمعنوي والعيني للمؤسسات الإجتماعية القائمة التي تهتم بالرعاية والتدريب والتأهيل فتطويرها وتقدمها يعني تحقيق قوة لمجتمعنا وإحراز تقدما حقيقا لأبنائنا نكافأ عليه في الدنيا والآخرة وجزى الله المحسنين خيرا..

أضف تعليقاً