أ . عالية فريد >> حديث الشهر


” معا ضد كل أشكال التمييز على المرأة “

9 مارس 2010 - أ . عالية فريد

                    ”  معا ضد كل أشكال التمييز على المرأة ”
                        

دعت الناشطة الحقوقية عالية آل فريد بمناسبة اليوم العالمي للمرأة المصادف 8مارس 1997م إلى تعزيز الإجراءات الواجب إتخاذها للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة  ،

 وأوضحت  أن المرأة السعودية لا تزال المتضرر الأكبر الذي يعاني من الإقصاء والتهميش ومن التمييز الواقع عليها ويمارس ضدها .

وبالرغم من تقدم المرأة  اليوم على المستوى الدولي والإقليمي و في المجتمعات المدنية الحديثة ، وحتى أن بعضهن يعشن تحت ظروف قاسية وأزمات وكوارث و حروب وصراعات طاحنة إلا أنه ومع ذلك  نالت  المرأة الكثير من حقوقها السياسية والإجتماعية والإقتصادية وشمل ذلك المجتمعات القريبة منا المرأة  وصلت للبرلمان والمنصات الدولية وتقلدت المناصب العليا ، ونحن سيدات المجتمع السعودي  اللاتي نفخر بأننا أحرزنا تفوقا وتقدما عاليا على مستوى التعليم ونمتلك كافة الإمكانات والقدرات  لازلنا ( مكانك راوح )  ننتظر هبوب الرياح أن تطل علينا بنسائم التغيير  ..

فالمرأة السعودية لازالت تتعرض لإنتهاكات فادحة لحقوقها الإنسانية ، وتواجه عقبات تلو العقبات  تعرقل مسيرتها في الحصول على حقوقها الأساسية التي تحفظها وتصون كرامتها ، فعلى صعيد العمل مثلا ، بالرغم من أن 60./0 من خريجات الجامعات السعودية من الإثاث في مقابل ذلك لاتوجد فرص عمل كافية ، إضافة إلى ما تشكله المرأة السعودية بنسبة 50./0 من قوة المجتمع إلا أن تمثيل مشاركتها في العمل بنسبة 13./0 بينما المتوسط العالمي والإقليمي يتجاوز 30./0 ، والبطالة في صفوف السعوديات وصلت أعلى مؤشر لها بين الدول  وحسب إحصاءات وزارة العمل  أنها تمثل 24،9 ./0 يعني ثلث موارد   المجتمع  وطاقاته معطلة .

و في مجال إستثمار السيدات فقرار مجلس الوزراء رقم 120 الصادر في 25/4/1425هـ شارف عليه أكثر من 6 سنوات لم يفعل بعد  ، ومشاركة المرأة السعودية دون المستوى المطلوب فالإستثمارات النسائية تشكل 8 مليار ريال فقط في مقابل الأرصدة في البنوك الخاصة بالمرأة فهي تتجاوز 40 مليار ريال غير مستغلة وغير مستفاد منها  . وتشبر الإحصاءات إلى أن القروض الممنوحة للسيدات في المملكة لا تتجاوز 30 ./0 من الصناديق التمويلية بنما في بنجلادش يمنح صندوق جرامين 97./0 من القروض المنتجة للنساء .

وفي مؤشر تمكين المرأة الإقتصادي في تقرير التنمية البشرية في العالم الصادر مؤخرا ما هو مؤسف حقا حيث يصف مستوى تقدم المرأة في العالم ، فجاء ترتيب المرأة السعودية في المركز ما قبل الأخير مع اليمن ودولة تشاد ، وقد حازت المرأة في البحرين مركز ا متقدما جاء بترتيب 28 في مقابل المرأة السعودية 68 على المستوى العالمي .
وعلى المستوى الإجتماعي   فمع ما حققته المرأة السعودية من انجازات متقدمة في ميدان العمل الإجتماعي والدعوي وفي العمل التطوعي وفي مجال الفكر والثقافة وفي الإعلام والأدب والهندسة والطب وغيرها من المجالات ، لازالت المرأة في نظر الكثير ناقصة الأهلية  وغير كفو ءة وليس لها حق الولاية على نفسها ومالها حتى لو كانت راشدة ، ولا تملك حقوقها المدنية والشرعية إلا بالمحرم والوكيل ، ولا يحق لها أن تمنح جنسيتها لأبنائها إذا كانت متزوجة من غير السعودي .

ومع ذلك كثيرا ما يقع عليها الظلم ، فهي لازالت تتعرض لمختلف أنواع العنف والإيذاء النفسي والجسدي وتتعرض للإهانة والضرب والحرمان من الأبناء دون وجود أدنى مقومات الحماية أو إجراءات عملية واضحة متبعة للقضاء على العنف الموجه ضدها ، ناهيك عن التمييز الواقع عليها في مختلف مجالات الحياة .

ويعكس الواقع السياسي  كذلك ضعف دور المرأة  السعودية وتدني مستوى مشاركتها  ، ففي المناصب القيادية نسبة تمثيلها لايتجاوز 1./0 في مراكز صنع القرار ،  ولا يسمح  في السعودية بإنشاء الجمعيات ومؤسسات المجتمع المدني أو النقابات .
وفي الحركة الثقافية والفكرية لازال هناك تضييقا على المسرح ومحاصرة للنوادي الأدبية ، وهناك إيقاف وتعطيل لبعض الأنشطة والبرامج الثقافية ومعارضة لمشاركة المرأة.
ولازالت المرأة تعاني الفقر والجهل والتهميش لاسيما في المناطق والقرى البعيدة وتسكن بيوت الطين والصفيح التي تفتقر لأبسط مقومات الحياة .

وتتجلى أبرز المسببات الدافعة  لممارسة العنف ضد المرأة  هي  ذكورية المجتمع السعودي وحب السيطرة والتسلط المؤدي لإهانة المرأة والتعامل معها بدونية ، والعادات والتقاليد المتوارثة والنظرة الدينية القاصرة للجهات المتطرفة كل ذلك قلل من إحترام المرأة والإعتراف بمكانتها ، ناهيك عن عدم وجود قوانين حماية  تحفظ الحقوق وتصون الكرامة للمرأة  والرجل على حد سواء وضمانات لإحترام هذه الحقوق .

إننا إنطلاقا من قيمنا وثوابت ديننا ندعو إلى إنصاف المرأة ورفع الظلم عنها ، بمقابل رفضنا  لأي ظلم يتعرض له أي مخلوق على وجه الأرض  ، فا الله تعالى قد حرم الظلم على نفسه وجعله محرما بين عباده .
وإحتراما للجانب المضيئ من هذه المناسبة في الحرص على إنهاء معاناة البشرية بشكل عام وعلى صعيد المرأة بشكل خاص ، فإننا نطالب الجهات المعنية والمسؤولة بالعمل على توسيع نطاق الحماية للنساء ، ومع إحترامي لكافة المؤسسات المهتمة والمبادرات المطروحة والجهود المبذولة في هذا المجال ، إلا أنه لا يمكن لبرامج الدعم والحماية وحدها أو تؤتي ثمارها إلا بالقانون وسيادة القانون الذي يحترمه الجميع ، وبالعمل الجاد على إيجاد تشريعات وقوانين جديدة تحمى المرأة وتفرض روادع جزائية لكل من يتعدى عليها ، وتفعيل دور المحاكم الأسرية والشرطة النسائية ودور المرأة في القضاء فظواهر العنف ضد النساء متزايدة ، والمشاكل التي تتعرض لها المرأة ليست بقليلة  ، لذلك تتضاعف الحاجة والأهمية لوجود وثيقة الأحوا ل الشخصية التي تهتم بالمرأة وترعى حقوقها المهدرة.

•المرأة طاقة كبيرة وثروة حقيقية للوطن  متى ماحافظ عليها المجتمع وأستفاد من طاقاتها ووظف كفاءاتها قاده ذلك الى التقدم ومتى أهدر هذه الطاقة وأهملها قاده ذلك الى الخلف . مما يتطلب النظرة الإيجابية في التعامل مع المرأة وإدراك الشراكة التكاملية  الرجل بجانب المرأة في بناء الحياة وتحقيق منجزات التنمية ، وإحكامها لشرع الله بدل الخضوع للأعراف والتقاليد المتحجرة ..

•إن تطورات العصر الحالية تتطلب الإعتراف بقدرة المرأة وإمكاناتها في تولي المناصب القيادية العليا ، وقد آن الأوان لأن يكون الشخص المناسب في الموقع المناسب – في المقابل لم تغفل المرأة السعودية عن تأهيل نفسها وتكوين شخصيتها وتنمية مهاراتها القيادية .
•أطالب بتفعيل الإتفاقيات  الدولية المصادق عليها ، وعلى رأسها إتفاقية مناهضة كافة أشكال التمييز ضد المرأة الذي صادقت عليها المملكة العربية السعودية في العام 2000م ، فالإتفاقية عبارة عن عقد وتمثل جزء مهم من التشريع الوطني المحلي ، وفي حال التناقض بين بنود الإتفاقية والقوانين المحلية في العرف الدولي يبقى الإلتزام بالإتفاقية له الأسبقية على القانون . وتضامنا مع ما أكده بيان ندوة المنظمة العربية لحقوق الإنسان الأخيرة المقامة في القاهرة ” بأن حقوق الإنسان التي نصت عليها معظم الدساتير ونادت بها الشريعة الإسلامية وإلتزمت بها الدول العربية أمام المجتمع الدولي ، لاتزال تنتهك في الأقطار العربية ، وإن المواطن العربي يدفع ثمن كل هذا ، ولذلك فإن حصول المواطن العربي على حقوقه كاملة أصبح واجبا لا يحتمل المساومة لتحقيق التقدم ……..الخ “.

•ادعو  جميع المهتمين والناشطين إلى تضافر الجهود الإنسانية الإقليمية و الدولية  للعمل على تحسين ظروف المرأة الإنسانية وتعزيز أوجه الحماية اللازمة لها ، ومباركة جهودها للحد من معاناتها وتحسين ظروفها الإنسانية . 

•إننا نتطلع لليوم الذي نحتفل فيه بيوم المرأة العالمي وقد ودعت المرأة  كل آلامها ومعاناتها  وإستردت كافة حقوقها وهي تتمتع بممارسة هذه الحقوق في مختلف المجالات السياسية والإقتصادية والإجتماعية . 

أخيرا:
أن ما حظيت به المرأة  السعودية في الدولة من رعاية وعناية من  خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز – حفظه الله  – مكنها من تحقيق  بعض المكتسبات التي جعلتها متميزة في بذلها وعطائها ، ومؤثرة في محيطها المحلي على مستوى رعاية الصعفاء والفقراء والأيتام ومساندة ذوي الإحتياجات الخاصة من النساء ، ومساعدة المنكوبات والإهتما م بالمعوقين ورعاية الطفولة والموهوبات وغيرها . إضافة الى مشاركات المرأة  في منجزات الوطن ، وعلى المستوى الإقليمي شاركت المرأة في مناصرة الأنسانية لاسيما في مساعدة النساء اللاتي أنهكتهم المحن وأرهقتهم الحروب.
وبجانب أن أثني على هذا الدور بجانب آخر نحن بحاجة للتعاون والتكاتف وتوحيد الرؤى والمواقف لنحقق واقعا أفضل للمرأة السعودية ، فهناك قرارات تستجد يبين فترة وأخرى وتبث في الإعلام الرسمي خاصة بتطوير واقع النساء السعوديات وسرعان ما تستبشر بها المرأة  ، ولاكن لاوجود لها على الأرض  و لم ترى النور بعد  ، نتمنى ان لا تكون حبرا على ورق بل تتحول إلى واقع .

يقولون  ” إن الزمن لا يعرف التوقف ومن لا يتقدم لا يبقى في موضعه النسبي إنما يتقهقر ” ويقولون أيضا لولا الأمل لما عمرت الأرض ،  وأنا كمواطنة تعشق وطنها بكل سلبياته أقول لكل آذان صاغية ولأصحاب الضمائر الحية لقد فاتنا في  هذا الوطن الغالي  الكثير من الوقت ونحن صامتون ومتفرجون ولا يجوز أن ننتظر أكثر ،  فقد آن الآوان لأن نأخذ بمفتاح العمل الجاد لتغيير الأوضاع في حياتنا الداخلية وتعزيز مكانة مجتمعنا ووطننا بين دول العالم هذا المفتاح هو طريق الديمقراطية وسيادة القانون ،  ومن أهم متطلباته ممارسة الحقوق والحريات ، أي أن يقوم المجتمع على أساس المساواة والعدل الإجتماعي في ظل نظام سياسيى وإقتصادي عادل لا يسمح بإستغلال الإنسان لأخيه الإنسان ، إذن كل ما علينا هو  التعجيل للوصول لهذا الهدف ، فهل نحن مستعدون ؟

أضف تعليقاً