أ . عالية فريد >> أخبار و مقالات


آل فريد على الفضائية القطرية: قضايا المرأة الخليجية من يضع أجندتها؟

7 أبريل 2006 - شبكة راصد الإخبارية

إستضافت الفضائية القطرية مارس الماضي الكاتبة والناشطة الإجتماعية والحقوقية عالية آل فريد في حلقة من البرنامج الأسبوعي المباشر «حيث أن».وناقش البرنامج الذي تقدمه المذيعة إلهام بدر «قضايا المرأة الخليجية من يضع أجندتها؟».

وإلى جانب آل فريد شاركت في اللقاء من مملكة البحرين الطبيبة والفنانة المهتمة بالقضايا الإجتماعية سهيلة صفر.

وتناولت الضيفتان عدة محاور هامة ورئيسية منها؛ المعايير المحدد ة لأولويات المرأة وسط المجتمع الخليجي في المرحلة الحالية، مجيبا عن عدة أسئلة منها؛ هل كل مايهم المرأة في الخليج حصولها على الحقوق السياسية؟ وهل تركز جل إهتمام الحركات النسوية في الخليج العربي إلى هذه القضية على حساب قضايا أخرى لاتقل عنها أهمية؟

كما تناول الحلقة كذلك؛ الظواهر الإجتماعية بدء بالأمية وظاهرة العنوسة المتزايدة في السعودية والمطلقات في دول الخليج والعاطلات عن العمل.

إلى جانب مسألة من يستمع لصوت الخليجيات اللواتي يعشن في البوادي والقرى والأرياف ومن يتعرف على همومهن ويلامس معاناتهن؟

.. ومن يرتب أولويات مشاكل المرأة الخليجية ويضع قضاياها على أجندة أعمال مجتمعاتنا ومنظماتنا الإقليمية؟ ولماذا؟ ولصالح من يتم تضخيم مشكلة وتحجيم أخرى؟

وتميز الحوار بالحيوية من خلال اثارة الأسئلة والمحاور العديدة.

وشارك على هامش البرنامج مجموعة من المداخلات لكل من إستاذة الفيزياء في جامعة قطر الدكتورة إلهام القرضاوي والناشطة الإجتماعية السعودية الإستاذة منى الشافعي إلى جانب رئيسة منتدى الشباب الثقافي والناشطة الحقوقية السعودية هدى الشايب.

فيما يلي نص الحوار:

• د. إلهام بدر: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. صحيح أن حق المرأة الخليجية في التصويت والترشيح في الإنتخابات البلدية والتشريعية مسألة مهمة كونه حق من حقوقها السياسية، لكن هل هذا وحده هو كل مايهم المرأة في الخليج؟

هل يمكن القول بأن توجيه جل إهتمام الحركات النسوية في الخليج العربي إلى هذه القضية جاء على حساب قضايا أخرى لاتقل عنها أهمية إن لم تكن تزيد؟

ولماذا لم تتوقف – بالقدر الكافي – الكثيرات من المهتمات بهموم المرأة الخليجية من تلكم اللواتي نراهن في المؤتمرات والندوات وعلى شاشات الفضائيات مع هذه الظواهر التي أقل ما توصف به أنها «مفزعة».

الظواهر التي نتحدث عنها وكما رصدتها الإجصائيات الرسمية تقول بأن:

– نصف نساء الخليج أميات لايقرأن ولايكتبن.

– أعداد العوانس اللواتي فاتهن قطار الزواج في تزايد «مخيف» وصل في دولة مثل السعودية على سبيل المثال إلى مليون ونصف المليون عانس.

– المطلقات اللواتي فقدن الإستقرار الأسري وتهدم عش الزوجية وتشتت على أثر دلك من تشتت الأطفال وصلت نسبتهن إلى:

– 48% في الإمارات.
– 46% في الكويت.
– 38 % في قطر.
– 35% في الكويت.
– 34 % في البحرين.

أي بعبارة أخرى – مشاهدي الكرام – مابين ثلث إلى نصف من يتزوجن من نساء الخليج يتم طلاقهن!!

– أكثر من نصف الخليجيات اللواتي يصنفن ضمن القوى العاملة عاطلات عن العمل.

هل أخذت هذه القضايا ما تستحقه؟ ام ان مثل هذه المشكلات لاتهم إلا من يكتوي بنارها عملا بالمثل العربي الشهير «مايشعر بالنار إلا من يمسكها».

ثم من يستمع لصوت الخليجيات اللواتي يعشن في البوادي والقرى والأرياف ومن يتعرف على همومهن ويلامس معاناتهن؟

ألا يستدعي كل ذلك أن نطرح على أنفسنا هذا التساؤل: من يرتب أولويات مشاكل المرأة الخليجية ويضع قضاياها على أجندة أعمال مجتمعاتنا ومنظماتنا الإقليمية؟ ولماذا؟ ولصالح من؟ يتم تضخيم مشكلة وتحجيم أخرى؟!

• كيف يحدد أي مجتمع أولوياته؟ وكيف ترتب المرأة داخل هذا المجتمع أولوياتها؟ وماهو المعيار الذي تبني وتؤسس المرأة عليه أولوياتها؟ هل هو مثلا معيار الحاجة؟ أي ماهي بحاجة ماسة إليه؟ أم معيار الحقوق والواجبات؟

بمعنى أنها كما تطالب بحقوقها فإن عليها أن تتعرف على واجباتها المنوط بها القيام بها والمفترض أن يحاسبها المجتمع عليها؟ أم كيف ترين المعيار المحدد لأولويات المرأة داخل أي مجتمع؟

– عالية آل فريد: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..

في البدء حتى نتعرف على أولويات المرأة في أي مجتمع يجب أن نكون على دراية وعلم بأهم المتغيرات التي ساهمت في تطوير المجتمع، فالنسبة لمنطقة الخليج مرت بتحولين أساسيين خلال العقود الماضية، التحول الأول هو التعليم الذي دفع بأجيال كثيرة من نساء الخليج نحو العلم ومواصلة مراحل تعليمية عليا شكلت بدورها تطلعات كبيرة عند المرأة، فالمرأة اليوم متعلمة، مثقفة، مطلعة، إستاذة جامعية، وعميدة في الجامعة، فهناك رشا الصباح عميدة جامعة في الكويت، وتوجد وزيرة في دولة الإمارات ووزيرة في عمان وفي البحرين وفي السعودية المرأة قطعت مستويات عليا بفضل التعليم.

التحول الثاني: يتمثل في دور التنمية، فنحن نعلم أن منطقة الخليج خلال 3 عقود ماضية أصبح فيها مشاريع إقتصادية كبرى وعملاقة، هذه المشاريع غيرت من نمط المعيشة وأعادت ترتيب القيم المجتمعية في المنطقة، إضافة إلى دور المرأة صحيح هو تقليدي جدا لكنها كانت تساعد الرجل في الزراعة والأعمال الحرفية والحقول.

هذه المشاريع أثرت على المرأة وبرزت دورها على أكثر من صعيد فبالتالي نقول للتعرف على واقع المرأة في الخليج يتم من خلال التعليم والتنمية ودور المرأة.

وهذا بدوره يحدد الأولويات والمعايير، فمن الصعب أن نفصل المعايير عن واقع المجتمع وأراها تتركز في ثلاثة أمور:

1- جملة الأهداف والتطلعات التي يحملها المجتمع.

2- جملة القدرات – البشرية «القدرات» – والإمكانات – المادية «ثروات ووسائل إتصال» الموجودة في المجتمع.

3- المشروع الوطني ومستوى فعاليته في العمل على إستثمار هذه الإمكانات وإستيعابها وتوظيفها في طريق الوصول للهدف المنشود.

بمعنى آخر ماهو موقع المرأة في المشاريع الوطنية القائمة اليوم؟ فإذا كان موقع المرأة أساسي فسوف تصل إلى أعلى المستويات وتحقق أعلى المناصب.

ولكن إذا كان المشروع الوطني لايحدد للمرأة أي موقع فلا يمكن للمرأة أن تصل فمثلا دولة قطر لديها مشروع تنمية سياسية ثقافية وإقتصادية وهذا مشروع وطني جعل دور المرأة فيه أساسيا فأول عميدة لكلية الشريعة في الدوحة إمرأة، إذن نحن لانستطيع أن نتعرف على المعايير بمعزل عن المشروع الوطني. ولو آمنا بأن المرأة أعطيت حقوقها وعرفت واجباتها بدون مشروع وطني إجتماعي يحدد للمرأة دورها في التعليم وفي عملية البناء والتنمية حينها تتحقق هذه الحقوق، إذن المرأة بحاجة إلى مشروع وطني إجتماعي ينصفها ويرفع ويوسع مستوى مشاركتها في الحياة العامة، والمطالبة بالحقوق والواجبات للمجتمع – المرأة والرجل – ضمن رؤية ومشروع وطني يشترك فيه الجميع في الحياة العامة فالمرأة شريكة الرجل.

• إنطلاقا وتأسيسا على ماسبق، ماهي برأيك أولويات المجتمعات الخليجية في المرحلة الحالية، وتحديدا شريحة النساء داخل هذه المجتمعات؟

الأولويات الحالية تنقسم إلى قسمين:

أولويات ذاتية خاصة بالنساء لكونهم نساء وتشمل:

1- الإستمرار في مشاريع التنمية الإجتماعية والثقافية والإقتصادية القائمة.
2- المشاركة في إيجاد وتأسيس مؤسسات المجتمع المدني التي تهتم بالمرأة وبالنساء في مختلف المجالات.
3- التواصل والإنفتاح على الحركات النسوية فيالعالم للإستفادة من الخبرات والتجارب فبدورها تطور مستوى المرأة وتفتح أمامها أفاقا جديدة.

أولويات عامة وأهمها:

1- التأكيد على المشاركة في الحياة الثقافية والإجتماعية والإقتصادية.

2- سن قوانين وتشريعات تضمن حقوق المرأة «فالدولة التي تمتلك دساتير تنص على حقوق واضحة وصريحة مثل حق الإنتخاب وحق المناصب الإعلامية والمناصب الإدارية والسياسية» وفي نفس الوقت سن تشريعات رادعة للتجاوز والتعدي على حقوق المرأة فمثلا «إنتشار ظاهرة العنف ضد المرأة» فهي تتعرض لإضهاد بسبب جنسها لأنها إمرأة فهي بحاجة إلى قانون ينصفها.

3- المرأة والتنمية، على المرأة أن تعي بأنها شريكة مستقلة ليس بالتبع في مختلف مشاريع التنمية، وأنها قادرة على إدارة الكثير من المشاريع بنفسها ولها شخصية مالية مستقلة عن ولي أمرها سواء كان أبا أو زوجا أو أخا، فمن أولويات المرأة ضمان دورها في مشروعات التنمية.

• لكن في المقابل ألا يمكن للبعض أن يحتج ويقول أن للنساء الخليجيات في ظل أمية تنتشر بين أكثر من نصفهن لايعرفن أولوياتهن وبالتالي فمن العيب أن نطلب من أميات و- عفوا في الوصف – «جاهلات» أن يحددن لنا أولوياتهن، أم أن الأولويات لاعلاقة له بالمستوى التعليمي والثقافي لهؤلاء النساء؟

– عندما نتحدث عن واقع المرأة يجب أن لانحمل المرأة وحدها المسؤولية، بل ينبغي لمختلف شرائح المجتمع والمؤسسات أن تساهم في تأسيس واقعا إيجابيا للمرأة في الخليج، فإذا كانت هناك أمية نسائية فهذا يعني أن تتضاعف الجهود في ردم هذه الفجوة ومحاربتها، فتطوير واقع المرأة في الخليج مسؤولية مشتركة من المرأة نفسها والدولة ومؤسسات المجتمع المدني، بحيث تتشكل إدارة إجتماعية لتطوير واقع المرأة في مختلف المجالات فالمرأة مسؤولية كل المجتمع.

• ألا ترين في أن القضية الأساسية هنا ليست في وجود أو عدم وجود مادة قانونية ولكن المسألة في الثقافة والتنشئة التي جعلت الكثير يغض الطرف عن القانون ويمارس حياته وينفذ مراده وفقا لما يراه هو؟ وبالتالي نخرج من هذا كله إلى أن من يركزن على وجود نص قانوني هنا أو هناك هن في الواقع لايلمسون جوهر المشاكل الحقيقية ويبتعدون عن الأسباب الجوهرية لوجودها؟

– الموضوع هنا ليس موضوع مقايضة أما هذا أوذاك، إما مادة قانونية أو ثقافة مجتمعية، نحن نقول حتى يتطور واقع المرأة نحن بحاجة إلى قوانين وتشريعات تضمن حقوق المرأة، وبحاجة إلى ثقافة إجتماعية تحترم كرامة المرأة وتدفعها للمشاركة في الحياة وفي الشأن العام، وبالتالي إذا توفرت القوانين والثقافة سيندفع المجتمع وسيكون مساره صحيحا ومتقدما.

• سوف أسوق لك مثالا هو في الحقيقة نتيجة دراسة علمية أجراها مركز الإمارات للدراسات الإستراتيجية على عينة كبيرة من نساء الخليج اللواتي يحق لهن الإدلاء بأصواتهن، هذه النتيجة مفادها أن أكثر من 90% من الناخبات أعطوا أصواتهن لمرشحين وليس لمرشحات وكان المعيار الحاكم لهن هو معيار الكفاءة وليس معيار الجنس أو النوع، السؤال هنا.. ألا يؤكد ذلك ما نحن بصدده وهو أن من يحاولن فرض أجندة الموضوعات التي تناقشها النساء الخليجيات في واد وحقيقة خيارات المرأة الخليجية وطرق تفكيرها في واد آخر؟

– طبعا نشكر المركز على هذه الدراسة وهذا الجهد ولكني أعمل إستقراء آخر لهذه الدراسة يبين أنه لازالت المجتمعات الخليجية تعتقد أن المسؤوليات العامة تتطلب إلتزامات كثيرة بحيث أن هذه الإلتزامات تخل بمسؤولية المرأة بين إلتزاماتها بمسؤولية الأسرة ومسؤولية المجتمع، وهذا غير صحيح فالمرأة تستطيع أن تلعب أدوارا متعددة في وقت واحد وأن تنظم حياتها، وإذا كان هذا الإستقراء صحيح فهو لايعيب المرأة في الخليج ولايمنع في أن تحصل المرأة على كامل حقوقها، وإنما يدل على وجود نهضة فكرية وإجتماعية لكافة شرائح المجتمع وفي نفس الوقت تؤهل المرأة في أن تكون في محل المسؤولية.

• الملاحظ أن المتصديات لقضايا المرأة الخليجية يقصرن حديثهن على هذه القضايا وحدها وكأنها منبتة الصلة بقضايا المجتمع ككل، الأمر الذي يوحي بأن المجتمع منقسم إلى فريقين الأول رجال لهم همومهم وقضاياهم والثاني نساء لهن همومهن وقضاياهن.. هل هذا الأمر طبيعي ومنطقي ناهيك أن يكون صحي؟ هل يمكن فصل قضايا المرأة عن قضايا المجتمع ككل، خذي على سبيل المثال قضية المشاركة السياسية للمرأة، لماذا يتم تضخيم هذا الأمر وكأننا على مستوى الإصلاح السياسي قد حققنا كل مانصبوا إليه وأصبح عندنا في دول الخليج بالفعل حياة برلمانية تمارس دورها التشريعي والرقابي ولم يبق إلا أن ندخل في هذه البرلمانات بعض النسوة سواء أكان ذلك بتغيير القوانين أو عن طريق الكوتة «المحاصصة» مارأيك……. في هذه الحالة التي يتم بها تناول قضايا المرأة الخليجية، تقف المرأة وحدها تقول أين حقي ويقف في المقابل الرجل يتحجج بكذا وكذا ونحن من الأساس بحاجة إلى المرأة والرجل ليقفا معا يطالبان بحق المجتمع ككل في مزيد من الحرية والديمقراطية؟

– من الخطأ أن نفصل بين المطلبين بين الرجل والمرأة فالإصلاح والتغيير مطلب الجميع ونحن نطالب المرأة في الخليج أن تنخرط في مشروعات المطالبة بالإصلاح الوطني العام وأن لاتحصر جهدها في قضايا المرأة الخاصة، فالمرأة تتحمل مسؤولية تطوير نهج وواقع الإصلاح في المجتمع الخليجي، والرجل يتحمل دوره في الإصلاح المرتبط بواقع المرأة في المجتمع ككل، لذلك نحن نقف ضد عملية الفصل بين مطالب المرأة في الإصلاح وإنما في مطالب المجتمع ككل لأنها جزء لايتجزأ من المجتمع، وعلى جميع شرائح المجتمع أن تتفاعل مع هذه المطالب – مشروع الإصلاح – بكونه حزمة واحدة ومشروع واحد لاينفصل.

• المتتبع لأغلب الصالونات والمنتديات والمؤتمرات التي تنعقد في عواصمنا الخليجية خصيصا من أجل مناقشة قضايا المرأة يلحظ أن المجتمعات يتحدثن عن شريحة من النساء هي في الغالب من قاطني المدن ومرتادي هذه المنتديات في حين أن الشريحة الأكبر حجما غائبة أو مغيبة، إلا فبالله كم مؤتمر عقد من أجل مناقشة هموم وقضايا المرأة في القرى والبوادي والأرياف؟ كم من الفرق الميدانية نزلت هذه القفار وتعرفت على المشاكل الحقيقية لهؤلاء النسوة وأوصلت أصواتهن ورفعت متطلباتهن إلى المسؤولين ومتخذي القرار؟ ألا يوحي ذلك بوجود خلل ما في مناقشة قضايا المرأة هذا الخلل يتمثل في عدم الموازنة بين متطلبات الشرائح الإجتماعية المختلفة لنساء الخليج؟ من المسؤول عن هذا الخلل؟

– المسؤولة هي الدولة فبإمكانياتها وبعمل مؤسساتها بإمكانها أن تردم هذه الفجوة بين القرى والأرياف، وبين الصحارى والمدن، وعلى دول الخليج كافة أن تبذل جهدا بل جهودا في إيصال التعليم ووسائل الإعلام في كل بقعة، فالرجل والمرأة يتأثران سلبا وهما بعيدان عن قضايا المجتمع.

• الذي يراجع نشأت معظم الجمعيات التي تهتم بقضايا المرأة الخليجية يلحظ أنها نشأت في أحضان الدولة وأن من تترأسها هن في الغالب زوجات الأمراء أو كبار المسؤولين.. قد يرى البعض وجها إيجابيا في ذلك على إعتبار أن هذه الوجاهات تيسر عمل هذه الجمعيات وتزيد في قدراتها المالية وفعالية توصياتها في ميدان التطبيق العملي، لكن في المقابل يتسائل البعض الآخر عن ما إذا كان هذا الوضع طبيعي؟ ويقول ألا يؤثر ذلك على إستقلالية هذه المؤسسات المفترض أن تكون صوت المجتمع المدني البعيد عن أي مؤثرات حكومية؟ ويتمادى البعض الآخر في تساؤلاته فيقول.. ألايمكن أن يخدم ذلك أجندة الجهات الممولة لاسيما الدولية منها التي تعقد مؤتمراتها وتطالب الدول الخليجية بالتوقيع على إتفاقياتها الدولية التي تأخذ عناوين براقة مثل إتفاقية مناهضة التمييز ضد المرأة أو العنف ضد المرأة….. الخ؟

– عندما ندعوا إلى تنمية مؤسسات المجتمع المدني بحيث لاتتعارض مع مؤسسات الدولة وإنما تأخذ الدور التكاملي معها، لكي يتم خدمة الناس والمواطنين بصورة أفضل، والمجتمعات في الخليج تحتاج إلى أكثر من مؤسسة ومبادرة تهتم بالمرأة ورعاية شؤون الأسرة.

ووجود مؤسسات لايلغي أبدا وجود مؤسسات إضافية أخرى تساهم في التنمية المجتمعية، بالذات أن كل مؤسسة تساهم وتباشر عملها في خدمة المجتمع في قضايا مختلفة.

• من أهم العناوين المطروحة في مؤتمرات الناشطات في مجال حقوق المرأة هو مساواة المرأة في العمل مع الرجل معتبرين ذلك من أسس التنمية الإقتصادية… وهذا أمر حق لكن يقول عنه بعض المعترضين أو المتشككين أنه حق يراد به باطل… ويبررون مقولتهم هذه بأن خروج المرأة للعمل وجعله أولوية هو نوع من التلاعب بأولويات المرأة ومحاولة فرض أجندة خاصة عليها، ويقولون بأن تصوير عمل المرأة في منزلها بصورة مهينة يتشابه مع عمل الخدم والشغالات هو خلط للأوراق وتلاعب في قضية مصيرية ترتبط بالإستقرار الأسري وترتبط أيضا بالتنمية بمفهومها الشامل المرتكز على أن تربية النشئ هو نوع من أنواع الأمن الإجتماعي المطلب لبلادنا، وأن التفريط فيه بإشغال المرأة بقضايا ثانوية تصارع من أجل عمل غير ضروري بالنسبة لها خارج بيتها يرمي إلى تفتيت الأسرة من الداخل حتى تشب أجيال لم تأخذ حظها من الرعايا والتربية، وأن هذا الأمر يناقش بعيدا عن مفهوم الحقوق والواجبات المفترض أن تسود حين مناقشة هذه القضية.. أي أن تعرف المرأة ويستقر المجتمع على معرفة حقوق وواجبات كل من الرجل والمرأة… الرجل واجباته الإنفاق على الاسرة والمرأة من أهم واجباتها تربية الأولاد وإعدادهن ليكونوا مواطنين أسوياء في المجتمع وليسوا مشوهين نفسيا.. فما رأيك في كلتا النظرتين من منظر أولويات قضايا المرأة الخليجية وليس من منظور عمل المرأة أو جلوسها في البيت لأن هذه قضية قديمة ومثار جدل قديم؟

– أقول بأن العمل ليس من أولويات المرأة وإنما حق من حقوقها، وإن مانؤمن فيه أن المرأة من حقها أن تعمل وهذا الحق تستطيع أن تأخذه أو تتنازل عنه، وإذا المرأة مارست حقها في العمل ينبغي أن تأخذ حقها كاملا في الراتب وفي الإمتيازات الوظيفية الأخرى. وبالتالي عمل المرأة ليس سبيلا لتضييع الأسرة، فالمرأة قادرة على تنظيم أمورها، وأرى أن من أولويات المرأة أن تأخذ حقوقها في مختلف الميادين بإعتبارها إنسانة ومواطنة في المجتمع الذي تنتمي إليه.

وإذا كان هناك مظاهر إنحراف أخلاقي وتفكك أسري فأن ذلك لايحمل المرأة هذه المسؤولية وحدها، فكما المرأة مسؤولة كذلك الرجل مسؤول، وإن إلقاء المسؤولية على المرأة في أي خلل إلقاء ظالم، فالمرأة والرجل كلاهما مسؤولان عن الإستقرار الأسري.

• من أهم المناهج التي تدرس في علوم الإستراتيجيات تهيئة البيئة الفكرية والإجتماعية المواتية لتنفيذ هذه الإستراتيجية أو تلك، والمنتقدون لمن يحاولون وضع أجندة المرأة الخليجية وتسويق قضاياها للرأي العام الخليجي يقولون بأن وسائل الإعلام العالمية والكثير من المحلية التي تدور في فلكها يكثرن من إستضافة من تروج للمفاهيم الليبرالية الغربية التي تصب في النهاية في صالح المصالح الحيوية لهذه الدول على حساب من تناقش أجندة المرأة الخليجية إنطلاقا من خصوصيتها الحضارية واحتياجاتها الوطنية فهل توافقين على هذا الطرح أم تريه طرحا مكتسبا بفكر تآمري عفا عليه الزمن؟ هل حقا وبنظرة موضوعية هادئة أخذ كلا الفريقين اللذين يناقشان قضايا المرأة الخليجية حقهما المتساوي في وسائل الإعلام وفي عموم الفعاليات الدولية والإقليمية التي تنظم خصيصا لهذه القضية؟

– حينما نطالب أن تأخذ المرأة حقوقها فإننا لانستجيب لأي صرعة أيدلوجية عالمية، وليس خضوعا لخطابا ليبراليا، وليس إنسجاما مع أجندة دولية مشبوهة، وإنما نستجيب إلى تطلعاتنا الخاصة وإلى أهدافنا وإلى قيمنا الإسلامية التي تعتبر المكون الرئيسي في مجتمعاتنا.

وهي رغبة وإنبثاقا ثقافيا وإجتماعيا من حاجة المجتمع الذي ننتمي إليه، وبالتالي فإن هذه المطالب لاتخرج عن الحاجات الأساسية للمجتمع في العمران والبناء والتنمية، وعلنا نشوه موقع المرأة الخليجية عندما نربط حركتها في تطوير واقعها بأجندة خارجية، فحركة المرأة في الخليج المطالبة بحقوقها ومكتسباتها الحضارية والأنسانية هي حركة ذاتية نابعة من صميم هذا المجتمع، ومنسجمة مع التطلعات والطموحات العامة لهذا المجتمع.

أعزائي المشاهدين..

حاولنا في هذه الحلقة أن نطرح موضوع قديم لكن بزاوية جديدة… حاولنا أن نستعرض قضايا وهموم المرأة الخليجية من منظور أولوياتنا نحن كما نعيشها كل يوم على أرض واقعنا الخليجي وليس من منظور أولويات بعيدة عنا نشأن وفق إحتياجات مجتمعات لها همومها ومشاكلها الخاصة بها. ولا أجد في ختام هذه الحلقة أجمل من تعليق تلك السيدة الخليجية البسيطة التي شبهت لي ذات يوم حينما جرى الحديث بيني وبينها عن الرجل والمرأة أن كلاهما للمجتمع أشبه بجناحي طائر.. جناح يمين وجناح شمال ن ولايمكن للطائر أن يطير بأحدهما دون الىخر، كما أنه لايمكن للجناح اليمين أن يقوم بوظيفة الجناح الشمال. شكرا لكم.

أضف تعليقاً