أ . عالية فريد >> حديث الشهر


كيف نزيح هم الشباب السعودي؟

20 يونيو 2005 - أ . عالية فريد

أحسن وزير العمل الدكتور غازي القصيبي عندما أصدر قرار توظيف الشباب السعودي العاطل عن العمل، وقد أطلقت الحملة الأولى ولاقت نجاحا ملموسا أعرب عن تشغيل ما يقارب 150 ألف وظيفة، وسوف تعقبها الحملة الثانية بعد أشهر معدودة يتم فيها توفير فرص عمل إضافية للعديد من الشباب في مؤسسات القطاع الخاص، هذا ما نشرته بعض الصحف اليومية، وأعقبته بعد ذلك مجموعة من القرارات الحكومية التي مازالت تصدر بين آونة وأخرى وإلى يومنا هذا آخرها مارصدته وزارة العمل بـ 15 مليون ريال لإقناع أصحاب العمل بالسعودة وإطلاقها الحملة الإعلامية التي تأمل من خلالها تخفيض أعداد العمالة الوافدة ومرافقها..إذ تشير المعلومات إلى إرتفاع نسبة العاملين من غير السعوديين في منشئات القطاع الخاص المسجلة لدى الوزارة إلى 88,47 % من إجمالي العاملين فيها، فيما تصل نسبة السعودة فيه 11,53% من إجمالي العاملين[1] ، وإنها تدعوة أصحاب الأعمال في جميع مؤسسات وشركات القطاع الخاص إلى التفاعل وتوظيف العاطلين عن العمل، هذا بالإضافة إلى المساعدات والتسهيلات التي يقدمها صندوق تنمية الموارد البشرية على أن يكون القطاع الخاص هو المشغل الأول والحائز الأكبر على نسبة السعوديين بعدما إنحسرت الفرص الوظيفية في القطاع العام، وأصبحت العمالة الوافدة تشكل قوة كبيرة فيه وصلت إلى أكثر من 5.5 مليون عامل.

ومع إعتبار تأمين سبل العيش والحصول على وظيفة مناسبة مطلب ملح وأساسي في حياة كل شاب، فإن ما أراه مهم تجاه هذا القرار هو أهمية الشفافية والتطبيق لما جاء فيه، فياترى ما مدى مباشرة العمل في هذه الوظائف وماهي نوعيتها؟ وهل شكلت لجان متابعة لتتأكد من حقيقة وجود كل شاب على رأس العمل!

أتمنى ذلك لا أقلا أن مثل هذه المبادرة سوف تخفف ولا أقول تنهي مظاهر الإحباط واليأس الذي يعاني منه الكثير من الشباب نتيجة لما يبذلوه من جهد مضاعف وعناء وتعب في البحث عن وظيفة وتوزيع الملفات الخضراء هنا وهناك وفي أماكن مختلفة من ربوع البلاد، هذا بالإضافة إلى إنعدام المصداقية في الكثير من شركات ومؤسسات القطاع الخاص وفي عدم الإلتزام بتطبيق برنامج السعودة، وذلك لأن الكثير من إداري هذه الشركات وللأسف الشديد لم يمنح الثقة بعد للقدرات والكفاءات المحلية برغم ما يبذله الموظف السعودي من جهد وإجتهاد وتفان وإخلاص وأمانة في تأدية العمل الذي يعتبره واجب وشرف ومسؤولية تعزز إنتمائه وعطاءه للوطن، فعقدة الأجنبي لازالت تخيم على الكثير فهو الأفضل والأحسن وأنا لا أعني هنا إنتقاص صاحب الخبرة والكفاءة الإدارية والمتميزة ولكن أأسف على حالة الإستعلاء والترفع من المواطن السعودي تجاه السعودي أخيه وإبن وطنه، فمقابل مانرى ونسمع عن حجم المشاكل التي تصدرها العمالة الوافدة من فساد وسرقة ونهب وإجرام وسوابق ومخالفات لايقبلها العقل، إلا أن ذلك لايشفع أمام مرؤوسي هذه الشركات في الوقت الذي يفترض فيه أن يكون هذا القطاع هو المشغل الأول والأكبر للسعوديين.

أكيدا وبدون أدنى شك أن تطبيق هذا القرار لايخلوولن يخلوا من مشاكل وصعوبات على مرور الأيام لكنه الطريق الأمثل للحد من ظاهرة البطالة المنتشرة بين الشباب ولتحقيق مستوى أفضل من الآداء والإنجاز للرقي بمستوى هذه الشركات، وقد تم ذلك بنجاح في بعض القطاعات التي إمتلكت الرغبة وسعت لتطبيق هذا القرار، إنما يحتاج ذلك إلى تظافر الجهود وإلى سعي حثيث بين وزارة العمل وبين الموظفين وأرباب العمل أنفسهم، وإنني على ثقة بجهود وزير العمل الدكتور غازي القصيبي وإشرافه المباشر على حملات التوظيف لكن عليه الأخذ بالحسبان ضرورة تحقيق الآمان الوظيفي لكل عامل وموظف، فليس المهم هو توفير الوظيفة فقط وإنما ماذا بعد الوظيفة؟؟! رواتب متدنية، إنعدام الأمن والإستقرار الوظيفي، تحايل على الأجهزة الرسمية، شركات وهمية بدون عقود عمل، محسوبيات ومجاملات، ومضايقات وإستنزاف للجهود، لاتقدير لاتشجيع لامكافآت لاحوافز ولا ترقيات..الخ، ناهيك عن سلب الحقوق الأخرى في الإجازات ونهاية الخدمة وغيرها، المطلوب هو أن يتحول الموظف إلى آلة متحركة والدليل مانراه من حالات التسرب الكثيرة بين الموظفين وإنتقالهم من مؤسسة إلى أخرى بحجة البحث عن فرص عمل مناسبة، إن كل ما أتمناه أن تشكل وزارة العمل لجان مراقبة لضبط العمل والإشراف عليه وعلى تطبيق النظم في القطاع العام وتصحيح المسار في مؤسسات وشركات القطاع الخاص. ومن ثم العمل على توفير القناعة والرغبة لقيادات هذا القطاع بأهمية القرار وإيجابية سعودة الوظائف وأثرها المستقبلي لصالح الوطن.

فالتوطين الوظيفي أهم ما يحتاج إليه هو الصبر ورحابة الصدر وسعة البال لاسيما إذا إحتاج الموظف السعودي إلى تدريب وتأهيل فإن النتيجة ستكون نافعة تعود معطياتها على الشركة وعلى المنشأة ذاتها وعلى إقتصاد هذه البلاد فالمطلوب فقط هو التريث والصبر، بالإضافة إلى الدعم المعنوي الذي يحتاجه الموظف واستشعاره بأهميته بالنسبة للقطاع الذي يعمل فيه وأنه جزء منه، وذلك من خلال توضيح المهام التي يجب عليه القيام بها، ومشاركته في صنع القرار الإداري الذي يشحذ من همته ويجعله يستمر في عطائه، فبعض المديرين وللأسف يستخسر حتى الكلمة الطيبة في حق العاملين ويعتبرها بعضهم صدقة يمن بها على موظفيه، بينما لا يستشعروا قوتها على نفوسهم وتأثيرها على العمل – فرب كلمة صنعت قائدا – وبالتالي كيف نستطيع أن نعزز شعور الشباب ونزيد من نشاطهم ونجدد همتهم ونضاعف نتاجهم إن لم نرقى بهم ومعهم إلى مستوى الفاعلية والطموح.

أضف تعليقاً