أ . عالية فريد >> مشاركات


تشييع جنازة طالب (حي) بالطابور الصباحي.. !

10 يونيو 2010 - جريدة الوطن

تشييع جنازة طالب (حي) بالطابور الصباحي.. !

 

حليمة مظفر

هل ما زالت هذه الممارسات المتطرفة والملوثة بسموم الموت والتخويف والإرهاب؛ تُمارس في مدارسنا أمام أعين طلابنا وطالباتنا إلى الآن ؟يؤكد ممارستها خبر جريدة عكاظ قبل يوم أمس حول التحقيق مع مدير مدرسة “حراء ” في خميس مشيط؛ والمعلم؛ صاحب الفكرة لمشهد خطير في أبعاده النفسية على الطلاب؛ حين يبدؤون يومهم صباحا بمشاهدة زميل لهم حيٌ يُرزق؛ يتمُ تكفينه؛ ويحمله زملاؤه على نعش يشيعون جنازته بينهم وهم وقوف في الطابور المدرسي!! ما الهدف ؟! تخويفهم من الذنوب والمعاصي؛ فهل هكذا ندفع بهؤلاء الصبية المقبلين على الحياة بطموحات وأحلام للمستقبل إلى التدين وعبادة الله الرحمن الرحيم ؟! هل يعقل أن مثل هذا ما يزال يُمارس إلى الآن رغم حربنا على الإرهاب والغلو والتنطع ؟!

وبصدق؛ ظننتُ أن مثل هذه الممارسات انتهى زمنها؛ منذُ إعلان وزارة التربية والتعليم الإصلاح في إداراتها ومدارسها؛ وقد ابتلينا بها لسنوات طويلة؛ وكنتُ يوما ضحية لها في المرحلة المتوسطة؛ وأذكر جيدا ذلك اليوم حين أحضرت مديرتنا وبعض معلمات مواد الدين ـ لا سامحهن الله ـ مغسلة لنساء الموتى؛ كي تعطينا محاضرة حول القبر وعذابه وما شاهدته من مساوئ الفتيات في أعمارنا من الموتى؛ ثم ختمت محاضرتها “المفزعة” بتعليمنا نحن الصغيرات كيف نكفن أمهاتنا أو أخواتنا إذا فجعنا بموتهن؛ وكم كان ذلك اليوم حزينا قاسيا لا ينسى أثره؛ فقد أغمي على الكثير من الطالبات؛ فيما أخريات شهقن بالبكاء والخوف؛ أما أنا وجدتُ نفسي مدفوعة إلى كوابيس “الموت” كل ليلة؛ ودفعتني لتدين شكلي وغلو فكري؛ ارتديتُ معه عباءة من فوق الرأس لم أعرف كيف أرتديها؛ مع قفازات وجوارب سوداء بقيتُ بداخلها فترة حتى تجاوزت أزمة وبلاء ثقافة الموت التي يتلبسها الفاشلون. والمأساة أن هذا النشاط المدرسي “المفجع” بات يصادفنا في كل مرحلة خلال معظم سنوات دراستنا.

وأتساءل؛ أي دروس وأي مواد يمكن بلعها أو هضمها بعد “مسرحية الموت” هذه؟! ومن قال إن الدفع بالتدين يقوم على إحباط ثقافة الحياة ؟! هل ندفع الناس للخوف من الموت والقبر كي يصلوا ويتدينوا ويجتنبوا المنكرات ؟! أم الأولى أن ندفعهم إلى حبّ الله تعالى كي يرجوا مرضاته ويبتغوا رحمته فتنهض عبادتهم من جوهر إيماني لا من تدين شكلي يزول بزوال السبب ؟! فما فُرض علينا من عبادات وتعاملات وسلوكيات في مجملها تدفع إلى تعمير الأرض وإحيائها لا إلى انتظار قبر في بطنها!!

وباختصار شديد؛ ينبغي على وزارة التربية والتعليم مراقبة مدارس البنين والبنات لحمايتهم من هكذا سلوكيات غير تربوية؛ وعلى أولياء الأمور ومن يشهدون هكذا تصرفات؛ التبليغ عنها. ومن الأهمية الآن؛ أن ينتهي التحقيق الذي وجه إليه أمير منطقة عسير الأمير فيصل بن خالد بن عبد العزيز مع المدير والمعلم إلى عقوبة صارمة لا يقبل معها أبدا تبرير حسن النوايا؛ وهذا ما ننتظره قريبا كخبر صحفي؛ ليكونا عبرة لمن تسول له نفسه إرهاب أبنائنا وبناتنا بثقافة الموت والقبور.

http://www.alwatan.com.sa/Articles/Detail.aspx?ArticleId=675

 

أضف تعليقاً