أ . عالية فريد >> أخبار و مقالات


النشاط الدعوي النسائي الشيعي

26 ديسمبر 2005 - أمل زاهد

تعتبر السيدة آمنة حيدر الصدر «المكناة ببنت الهدى» احدى أبرز الرموز الدعوية النسائية الشيعية، ودون شك كان لسيرتها ونشاطها الدعوي دورا مهما في الهام الشخصيات النسائية الشيعية، وحافزا قويا كي يحذين حذوها في مجال الدعوة النسائية.وقد أعدها أخوها الامام محمد باقر الصدر رحمه الله لهذه المهمة، فكانت تسير مع أخيها في تحركاته، وتكملها على الصعيد النسائي. وكان عملها الدعوي يتم من خلال محورين رئيسين هما:

المحور الثقافي والفكري..

حيث تعد الفتيات الرساليات من خلال المحاضرات والندوات ومتابعة عبادة الفتيات ونشر الحجاب الإسلامي بينهن، وكانت تشرف على مدارس الزهراء للبنات في الكاظمية والنجف. وقد كان لها دور مهم أيضا فكريا وباع طويل في النتاجات الفكرية خاصة في مجال المرأة، وفي مجال كتابة القصة على وجه الخصوص وتعتبر رائدة القصة النسائية الاسلامية وكان لقصصها أبلغ الأثرعلى النساء في المجتمع الشيعي ولها العديد من القصص الاسلامي الذي تقول هي عنه: هذه البضاعة المسجاة والمجموعة الإسلامية كمذكرة أخوية تزداد بها المرأة مناعة ووقاية من السموم الأجنبية الفاتكة وهي بالوقت نفسه بلسم لجراحها وشفاء لصدرها وقوة جبارة لبعض نقاط ضعفها.. ولقد شاركت بنت الهدى أخاها في جميع مصائبه حتى تم قتلها معه على يد صدام حسين في اوائل الثمانينيات، وقد سبق منها أن قالت كلمة معبرة تربط حياتها بحياة أخيها «إن حياتي من حياة أخي وسوف تنتهي حياتي مع حياته إن شاء الله».

بدأ النشاط الدعوي الشيعي النسائي في المملكة العربية السعودية في النصف الثاني من السبعينات وتحديدا بعد نجاح الثورة الإيرانية وتولي الامام الخميني سدة الحكم، مما ذكى مشاعر الصحوة واشعل فتيل الحماس الديني في المجتمع الشيعي.

وانطلقت الدعوة النسائية من داخل أروقة المجالس الحسينية أو الحسينيات والتي تقام عادة على مدار السنة في المناسبات الدينية وعلى رأسها ذكرى مواليد ووفيات آل البيت. بدأ النشاط الدعوي يعلن عن ولادته من تلك الحلق الدينية الاجتماعية ولم يكن له الفعالية التي يحظى بها الآن، ويعتبر النشاط الدعوي النسائي حاليا احدى ابرز الدعائم التي تقوم عليها حياة المرأة الشيعية الاجتماعية والثقافية. وتحاول بعض الداعيات والقائمات على هذه المجالس تحويلها إلى منتديات ثقافية تقوم بتوعية المرأة بالكثير من الأمور الحيوية في حياتها، ويوجد الآن في القطيف فقط ما يربو على الثلثمائة مجلس تقام فيها الحسينييات بصفة دورية. تنشط عادة هذه المجالس في المواسم الدينية كشهرمحرم وفي المناسبات الخاصة باحياء ذكرى مواليد ووفيات آل البيت وتنشط أيضا في رجب وشعبان وصفر وربيع الأول، وتصل إلى أوج فعالياتها في شهر رمضان المبارك حيث يقام مجلس كل ليلة، وتركد بعض الشيء في شهور السنة الأخرى.

الأستاذة عالية آل فريد كانت احدى اولئك الفتيات اللواتي تلقين تعليمهن في ايران وسوريا وهي منتسبة حاليا إلى الجامعة العالمية للعلوم الإنسانية بلندن، عملت على تأسيس وإدارة مركز «إيلاف لذوي الإحتياجات الخاصة» تحت إشراف وزارة العمل والشؤون الإجتماعية. وشاركت أيضا في ملتقى المثقفين السعوديين الأول، وفي الحوار الوطني الرابع «الشباب آمال وتطلعات» وحضرت كثير من المؤتمرات الثقافية والفكرية.

وهي كاتبة ولها عدد من المؤلفات وناشطة حقوقية ومهتمة بقضايا المرأة والتنمية ولها حضور في المؤتمرات الخاصة بهذا الشأن ولها حضور واسع في نطاق تثقيف وتوعية المرأة الشيعية، ولها العديد من المقالات التي تناقش فيها مشاكل المرأة الاجتماعية وتدني أوضاعها وتقترح الكثير من الاقتراحات البناءة كسن قانون للأحوال الشخصية مستمد من الشريعة يحمي المرأة من التجاوزات التي تلبس لباس الدين كما تطالب بانشاء جمعيات نسائية مستقلة وتدعو الجمعيات الخيرية والجمعيات النسائية والمؤسسات الثقافية أن تدمج المرأة في حركة التنمية الاجتماعية، وأن تفتح الأبواب لاستقبال وتنمية طاقاتها.

كما ترى أن خريجي الجامعات لدينا بحاجة الى توسيع مداركهم وعلومهم الثقافية بالقراءة، وبالاطلاع، والإلمام بثقافة الحياة العامة في الدين، في التربية، في الاجتماع، في السياسة،و في الأخلاق، وهم بحاجة الى تفعيل دورهم وحركتهم في المجتمع وذلك عبر المشاركة في المنتديات الفكرية، والحوارات الثقافية، والنشاطات الإجتماعية والأدبية، وأن يتصدروا مواقعهم في المؤسسات الأهلية والجمعيات الخيرية وفي النوادي الرياضية وغيرها.

ترى الأستاذة عالية أيضا أن المجالس الحسينية لا تزال تحتاج إلى التطوير والتفعيل والاهتمام بمشاكل المرأة الحقيقية: ولأننا نملك المنبر الحسيني الذي يعتبر مصدراً هاماً للثقافة الحية، وإلى إحياء قيم الدين وتبيين مقاصده وإيضاح معالمه، ويهدف إلى إصلاح المجتمع عن طريق ذكرى أهل البيت «ع»، إلا أننا بعد لم نستفد الاستفادة الكاملة من عطاءات هذا المنبر، لما هو ملاحظ في مجالسنا الحسينية النسائية في غياب التوجيه والابتعاد عن مشاكل المجتمع وهمومه المعاصرة، حيث أن مجتمعاتنا تعاني أشد المعاناة من العقد والأمراض النفسية والسلوكية والأخلاقية، والجهل بالأحكام الشرعية وقضايا التربية الأسرية المتفشية بين النساء خاصة..

فهذه المشاكل تحتاج إلى معالجة عن طريق خطباء المنبر الحسيني، وإذا كان الخطباء على مستوى الرجال قلة، فكيف بالنساء فإنها تواجه النقص الشديد في ذلك على مستوى المجتمع ككل، وإن وجدت فقد تكون محصورة العدد في بعض الخطيبات من النساء واللاتي قد لا يمتلكن المواصفات التي تؤهلهن لاغتنام هذه الفرصة في توجيه الأخريات وحثهن باتجاه مسؤولياتهن الدينية والاجتماعية.

ويمكن تفعيل دور المنبر الحسيني النسائي عن طريق تخريج دفعة من الخطيبات القادرات على التصدي لمشاكل المجتمع ومعالجة قضايا الناس.

الداعية أم الحسنين كما تكنى في المجتمع الشيعي في سيهات، كانت احدى السيدات اللواتي تعلمن في إيران وسوريا ومارست نشاطها في مجال الدعوة النسائية منذ قرابة الخمس وعشرين سنة، ولا تزال مستمرة في المشاركة الفعالة في الحسينيات هناك، وهي قاصة وأديبة ولها ثلاث روايات ومجموعتين قصصيتين. تقول السيدة أم الحسنين أن الحسينيات في طريقها إلى التحول إلى مجالس ثقافية تتفرع مواضيعها وتتشعب لتناقش الكثير من الاشكاليات التي تعصف بحياة المرأة في وقتنا الحالي وتستأجر أحيانا قاعات الأفراح حتى تستوعب أعدادا أكبر من المتلقيات، وهناك عدد من الشخصيات الدعوية في المنطقة الشرقية وتكنى كل منهن باسماء ابنائهن فهناك الداعية أم ياسر والداعية أم مهدي والداعية أم صادق وغيرهن، ولكل داعية جمهور من المتلقيات يفضل الطرح الذي تقدمه..

وتحاول بعض الداعيات جعل مواضيع الندوات شاملة للكثير من الجوانب المهمة والمتعلقة بحياة المرأة والحرص على أن لا تقتصر على الجانب الايماني والعقائدي والفقهي فقط بل تتجاوزذلك لتشمل الجانب الاجتماعي والتثقيفي والطبي والاقتصادي أيضا. فهناك أكثر من ندوة طبية تقام خلال شهر رمضان المبارك، وتقام ندوات لسيدات الأعمال وكيف يطورن من آدائهن ويحسن من قدراتهن في مجابهة المشاكل التي تواجههن في محيطهن الاجتماعي والاقتصادي. وتقام أيضا ندوات اجتماعية وندوات يتقاطع فيها الديني مع الاجتماعي في محاولة لفك الالتباس بين الديني والعرفي كندوة عن موقف الدين من العرف وندوة عن عدة المطلقة والأرملة بين العرف والشرع.

والسيدة أم الحسنين تؤمن أن المرحلة القادمة تحمل في جعبتها الكثير من المتغيرات التي يجب أن تعد لها الفتاة إعدادا سليما حتى تتمكن من خوضها بشخصية واثقة ونفس معتدة يإيمانها ومعتزة بمبادئها ولذلك تعد الآن ندوة بعنوان «فتياتنا ما بين الثابت والمتغير» لمناقشتها في شهر رمضان المبارك. تقام أيضا ندوات للتدبرات القرآنية وللتفكر في المعاني القرآنية، وللتعريف بسيدات آل البيت مثل السيدة خديجة وفاطمة الزهراء والسيدة زينب رضي الله عنهن اجمعين، وببعض الشخصيات التاريخية الاسلامية الأخرى.

هناك نشاط دعوي ووعظي يمارس أيضا في مناسبات العزاء والممتدة على خمسة أيام والتي تسمى الفواتح أو الفاتحة حيث تقرأ فيها الفاتحة للميت وتتبع بموعظة تذكر بالموت وتبدأ الموعظة برثاء الإمام الحسين رضي الله عنه، ثم تتبع بما تراه الداعية ملائما لتلك المناسبة من وعظ وتذكير.

أضف تعليقاً