أ . عالية فريد >> حديث الشهر


صورة الدولة وبناء الأمن الاجتماعي السعودي؟!

26 نوفمبر 2011 - أ . عالية فريد

كلها أيام وليال وتنقضي ويودع العالم سنة عام 1432 هـ 2011 ويستقبل عاما جديدا لسنة 1433 هـ، 2012م. والذي نتمناه أن يكون عاما أكثر إشراقا من العام 2011 م على الشعب السعودي ككل. فرغم التحولات والتغيرات العالمية وإنبثاق فجر الثورات في الربيع العربي في تونس ومصر وليبيا واليمن وسعيها لتحقيق آماني وتطلعات شعوبها، ورغم الإرهاصات والتجاذبات التي مرت بها منطقتنا الخليجية، وتوالي الإضطرابات والتفاعلات وكثرة التحديات التي عصفت بالمملكة العربية السعودية إلا أنها مع نهاية العام أفرزت قرارين على مستوى كبير من الأهمية والذي بدوره نتطلع في حال تنفيذه والعمل به أن يغير مسيرة ومجرى المعادلة في الوسط السعودي الداخلي.

القرار الأول الذي أعلنه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز في 25 سبتمبر 2011 خلال كلمته التي ألقاها أمام مجلس الشورى بمناسبة افتتاح أعمال السنة الثالثة من الدورة الخامسة لمجلس الشورى والتي تضمنت ” منح المرأة ” حق المشاركة في مجلس الشورى عضوا اعتبارا من الدورة السادسة والتصويت والترشح في الإنتخابات البلدية بدءًا من دورتها الثالثة “.

والقرار الثاني جاء بتاريخ 27/ 10/2012 بتعيين سمو الأمير نايف بن عبد العزيز وليا للعهد، وفي كلا القرارين وقفات مهمة تدعو للتأمل ووضعها في الحسبان، يتمتع الأمير نايف بشخصية قوية فهو رجل أمن ودولة، فقد عمل على هيكلة مؤسسات الأمن وتحديثها، حيث ما تحتاجة الساحة الداخلية في المرحلة الحالية هو الأمن الإجتماعي وإرساء قواعد السلم الأهلي أبرزها إرساء قواعد النظام والأمن، ف” النظام والأمن ” ضرورة من ضرورات الوجود الانساني، ومهمة رئيسية لاستقرار المجتمع، ومما لا يخفى على نبيه أن الأمن لا يتأتى عبر قمع الامة والمجتمع وإقصاء القوى الحية فيهما عن ممارسة دورهما التاريخي، وانما عبر ايجاد علاقة تعاقد جديدة بين النظام والمجتمع، بين الدولة والامة تاخذ هذه العلاقة في الاعتبار كل متطلبات الامة الحضارية والسياسية كما تحترم ضرورات الاستقرار – المشاركة والمساواة والمواطنية، لأن *المشاركة السياسية في إدارة الشؤون العامة للدولة من أهم الضمانات لحقوق الانسان وحرياته الاساسية وتعتبر جوهر العمل الديمقراطي القائم على المشاركة النشيطة الحرة من المواطنين تجاه مجتمعهم ووطنهم، هذه المشاركة التي تهدف الى اثبات الذات والرغبة في العمل الجمعي، وحماية قيم الديمقراطية وترسيخها، ومقاومة الظلم والطغيان والمحافظة على الاستقرار السياسي للمجتمع.

املنا المحوري هو بناء الدولة القوية بإحتضان أبنائها على أساس الانتماء الوطني والانساني التاريخي لا الحسابات القبلية والاثنية أو التنوعات المذهبية والفكرية، دولة قائمة على مؤسسات منفتحة على أبنائها بكل تنوعاتهم الخلاقة للوحدة القوية والمتناغمة مع الكفاءة والجدارة العلمية والمهنية البعيدة عن سلم الحساسيات الطائفية والمصالح الجهوية، دولة قادرة على دحض كل التحديات والعواصف الهوجاء التي يراد تحريكها لزعزعة الاستقرار الاجتماعي وتعطيل كل تجديد ثقافي – سياسي يتماشى والتطورات العالمية والاقليمية الحاصلة، وذلك لا يمكنه التحقق دون الوعي لأهمية تفعيل التجربة المدنية في واقعنا السعودي ومستقبلنا الوجودي كدولة مؤثرة بالخليج والعالم العربي ليس من خلال الجمود ولكن النموذجية الفعالة للتعاقد السياسي بين المجتمع والدولة القائم على العدالة والمساواة والتنمية المستدامة التي تبرز معالمها في الشخصية السعودية والواقع الوطني…

بكل بساطة دولة تستمد حصانتها وقوتها من واقع الأمن الاجتماعي الذي ترسخه بين مواطينها وعبر مؤسساتها المدنية الشفافة، كل هذه المطارحات والتطلعات والايحاءات بإمكانها أن تثير فينا كسعوديين بكل تنوعاتنا أن نلتقي بصدق ووفاء لهذا الوطن وهذه الأرض المباركة لنحمد الله حاكما ومحكوما أن وّطننا هذه البقعة وخصنا من دون الشعوب الاسلامية الأخرى، لأن مسؤوليتنا كسعوديين أن نكون المثال الحقيقي والأسوة الحسنة لكل هؤولاء الشعوب في تأكيد العدل والمواطنة والتنمية والكفاءة والتقوى السياسية والاجتماعية التي تحمي الأمة والمجتمع والدولة والهوية بتمكين الحرية بمصاديقها الاسلامية النبيلة والحضارية…

أضف تعليقاً