أ . عالية فريد >> حديث الشهر


الإنحراف الزواجي مشكلة تهدد الأسرة السعودية

3 أبريل 2014 - أ . عالية فريد

الخيانة الزوجية واقع مرير وأليم تعانيه الكثير من النساء خوفا من الفضيحة والعار لتظل هذه المشكلة تتوسع بصمت إجتماعي مطبق في خضم عدم البوح والكلام في الممنوع من باب الستر وسد الذرائع وعدم إثارة الفاحشة حفاظا على كينونة الأسرة، ومقابل الزوج الخائن وممارساته للعلاقات الغير مشروعة عبر إنتهاكه لحرمة شرعية العقد المقدس للرابطة الزوجية تتم الإستهانة والتلاعب بقيم الحياة تهاونا وإستهتارا أو عن طريق إستغلال الفسح والإستباحات الدينية حسب مايتناسب مع المزاج الشخصي وطغيان الهوى والنزوة والنتيجة هدفها واضح ومسوغاتها واهية.

في كلا الحالات تبقى المرأة الزوجة هي ”الضحية“ تلعق مرارة الخيبة والعنف في كنف من يفترض أن يكون السكن وصمام الآمان ومبعث الثقة والإستقرار لها ولأبنائها. ومن التابوهات التي كسرت جدار الصمت نستعرض بعض الشهادات المؤلمة للبحث في أسباب هذه المشكلة والتي نتمنى أن لا تتحول إلى ظاهرة تعبث بمجتمعنا، فالنسب التقريبية لا يمكن الجزم فيها نتيجة لتكتم الضحايا ورفضهن الإفصاح ولعدم وجود إحصاءات دقيقة مع وجودها حيث تدرج ضمن القضايا الغير قابلة للنشر في سجلات الشرطة والمحاكم والجهات المعنية بالأمر، ولعل النسب المتاحة والمتوفرة حاليا وهي في تصاعد مستمر هي نسبة الطلاق في المملكة العربية السعودية.

فقد بلغ إجمالي صكوك الطلاق والخلع والفسخ المثبتة في محاكم السعودية للعام 1433 هـ  34490صكا بمعدل 96 صكا يوميا، منها 30030 حالة طلاق بنسبة 87. /0 من إجمالي الحالات المسجلة. أي بمعدل أكثر من ثلاث حالات طلاق في الساعة الواحدة، وبحسب دراسة اخرى نشرتها صحيفة ”الإقتصادية“ فإن السعودية تأتي في المرتبة الثانية بين دول الخليج بعد سلطنة عمان في نسبة الطلاق بين مواطنيها بنسبة 92. /0، هذه النسبة ولمحاذير قانونية ومجتمعية لا يتم ذكر الحالات الناتجة عن الخيانة الزوجية ضمنها بل تعد من أسباب الطلاق العامة.

كثيرة هي الإعتداءات الأسرية والتجاوزات والظلم الذي تقشعر منه الجلود وترفضه الضمائر الإنسانية، التي تخالف الأحكام الإلهية والأعراف الاجتماعية والأحكام الوضعية تقع تحت ظل مجتمع محافظ تحكمه الشريعة الإسلامية، وتدرس فيه المناهج الدينية في مختلف المراحل وتسيطر فيه المؤسسات الدينية على فصائل المجتمع تمارس فيه مثل هذه الجرائم الأخلاقية!.

• منى، تعمل ممرضة في مستشفى وعند خروجها صباحا لدوامها نسيت هاتفها النقال التي تتابع فيه حالة أبنائها أثناء عودتهم من المدرسة، تصل إلى البيت لتكتشف مالم تتوقعه بالحسبان زوجها مع الخادمة على سرير الزوجية، كان وقع الحدث كالصاعقة على رأسها ومن هول صدمتها ذهبت إلى إمها منهارة باكية معلنة طلب الطلاق، وبعد إن أفاقت من صدمتها أخذت الأم تهدأ روعها وتنصحها بالصبر قائلة لها أغلب الرجال هكذا؟!!

• سميرة، أم لخمسة من الأبناء شخصية تتمتع بعلاقات إجتماعية متميزة، وبيتها مفتوح لخدمة قضايا النساء من المعوزات وأصحاب الحاجة لاحظت تغير زوجها وغيابه المستمر خارج المنزل، وفي حال تواجده معهم تفصح بشروده الذهني وإهماله لمتطلبات ومستلزمات الأسرة، وتشتكي من عزلته المتكررة مع إنشغاله لوقت متأخر من الليل منهمكا في المكالمات الهاتفية، بينما هي خارجة مع أخواتها في نزهة للترويح مع أبنائها لتكتشف زوجها على شاطئ البحر مع أعز صديقاتها؟ تقول لم أحتمل مارأيت ولا أستطيع العيش مع رجل خائن مرة أخرى، وبعد تدخل الأهل وفشل محاولات الصلح بينهم طلبت الخلع منه في المحكمة.

• إبتهال، زوجة وربة منزل تشكوا من هجران زوجها لها لفترات طويلة متعجبة من عزلته وإنفراده في إحدى غرف المنزل، مستنكرة قسوة تعامله المفاجأة لها بعد عشرة طويلة هانئة ومستقرة، سرعان ماتغير حاله وبدأ يعاملها كخادمة فأكله وشربه وحاجياته تصله متى ما أمر بذلك، حتى علاقته بأبنائة وبناته أصبحت سيئة فدائما مايغلق الغرفة على نفسه ولا يسمح لأحد بإزعاجه، وفي حال إحتاج له أحد الأبناء في أمر ما يقلب البيت الى جحيم من الشجار والصراخ والضرب لأتفه الأسباب، تقول في منتصف الليل سمعت صوتا غريبا في البيت فخرجت لأتفقد الأمر خلسة واذابي اسمع كلمات الحب والغزل وقهقهات صوته مع إمرأة على شبكة الإنترنت، وكانت الطامة الكبرى بعدها عندما اكتشفت أنه على علاقه غرامية مع زوجة أخيه المطلقة.

• سارة، زوجي رجلا ناجحا وأقر بأن له نزوات خاصة أنيق الشكل وسيم المظهر لبق الحديث سريع الجاذبية وهو محل إغراء الكثير، أثارتني تصرفاته المريبة التي تغيرت فجأة وعلى غير العادة، فأخذ يغرقني بالمال ويغدق علي بالهدايا بدون مناسبة ويلبي جميع رغباتي مقابل غيابه الطويل والمتكرر خارج البيت، إضافة لكثرة سفراته واتصالاته التي لا تستقر وبحجة أن عمله يلح عليه بذلك، وأنا «ياغافلين ليكم الله» كنت النموذج ومضرب المثل بين اهلي وأقربائي في إحترامي وإهتمامي بأسرتي وتقديسي للحياة الزوجية برغم أني موظفة لم يعيقني ذلك عن مداراتي لها، لم أدرك الا متأخرا أن زوجي كان يخونني مع زميلتي التي يجمعني بها عمل واحد.

وتضيف: لقد وصلت وقاحتها أن تتقرب إلي وتتواصل مع عائلتي لتصل إلى زوجي، غبائي هو السبب لأنها كانت تستدر إستعطافي معها بقصص يومية كثيرة وكونها عانس وصلت سن الأربعين دون أن يتقدم لها أحد وتعاني من عزوف الصديقات عنها وأنها يتيمة مظلومة تعاني مشاكل مع إخوانها وزوجاتهم وغير ذلك، كنت أمدحها أمام زوجي وأتألم لحالها باستمرار لحين وقع الفأس في الرأس، مباشرة أبعدتها عن بيتي وعن حياتي وطلبت نقلي الى قسم آخر بعيدا عنها.

• وضحى، تتحسر قائلة: ضاعت سنوات عمري معه هباءا، مجرد ذكريات ضبابية مليئة بالوهم قدري أن أعيش فصلا من معاناة أمي المطلقة. فعند عودتي للبيت من منزل والدي القريب فوجئت بوجود قطعة ملابس نسائية في غرفة نومي، تقول: ساورتني الشكوك حينها وقطعت الوهم لإكتشاف أن زوجي يخونني وحينما واجهته بالأمر لم ينكر ذلك بل برر فعلته بأنه رجل من حقه أن يفعل مايشاء وأنه يرغب في تجديد معاشرته الزوجية معي وهذا لا يتسنى له إلا بإقامة علاقة مع أخريات، تضيف بحرقة قلب: انكشفت رجولته الهشة حينها أمامي، فطلبت الطلاق ولم يتردد سددها ثلاثا في وجهي!!

• حصة، امرأة عاملة في منزلها انشغلت بتربية الأبناء والبيت والطلبات تقول: كاد زوجي أن يضيع مني لولا أني أنتبهت له متأخرا، فهو بيتوتي يحب الجلوس في البيت كثيرا وعلاقاته محدودة، ويشاركني هم الأولاد والتخطيط لحياتهم وحل مشاكلهم ويتبادل معي همومي وطموحاتي وكانت حياتنا هانئة ومستقرة، إلى إن بدأ يتعرف على مجموعة أصدقاء – متدينين – فكنت أستفيد منه في تناول بعض المسائل الفقهية الخاصة ببعض الأحكام الشرعية التي أحتاج إليها. وبعد فترة من الزمن بدأت لغة حواره مختلفة معي فهو دائم الحديث عن زواج المسيار والمزوار وينتقد باستمرار زواج المتعة وأصبح هذا الحديث يسيطر على حياته، أقنعته بأن يتزوج بامرأة أخرى متدينة إذاكانت له رغبة في ذلك؟ وذلك في هدوء وصبر طبعا بتلميحات فقط، فجأة وقد تغير في سلوكه وتصرفاته، وحتى أحاديثه معي تغيرت وبدأ يثير شكوكي بسبب تصرفاته، أدركت أن ذلك بسبب رفقته الجديدة، فبحثت وعرفت السبب هو بداية علاقة غرام مع السكرتيرة، فهي صغيرة في السن وتراه رجلًا ناضجا وله وضع اجتماعي، تريد أن تبدأ السلم من حيث انتهيت أنا بعد كفاح طويل معه، فزدت من اهتمامي به، وإتخذت قراري إما البقاء معي أو ترك هذه الصحبة التي لاهم لهاإلا التباري حول عدد النساء التي تم الزواج بهن ومواصفاتهن، لكن بلا شك أن الثقة اهتزت بيني وبينه.

ويستمر مسلسل الخيانات..

يتردد على منزل أخوه ليخونني مع أخت زوجتة العانس ويلتقي بها، يخونني مع زوجة صديقه بحجة انه يذهب الى بيتهم ليحل مشاكلها الزوجية، زوجي ملتزم ومعروف عند الناس يخونني لأنه يبحث عن مثقفة أو موظفة، زوجي يخونني لأنه يغار من منصبي ومكانتي الإقتصادية، يخونني بحجة أني مهملة ومقصرة في حقه الزوجي، أو لأنه يجد الراحة مع غيري ويفتقدها معي بعد زواج إستمرلأكثر من عشرين عاما واهله من أجبره على الزواج بي، ووو……. الخ

خيانة الزوجة..

وكما توجد خيانات للزوج كذلك هناك خيانات للزوجة

• أحمد، فنان تشكيلي أب لثلاث بنات وطفلين يعاني من سوء تعامل زوجته معه والتي كثيرا ما تشتكي من المرض منعزلة عن جو الأسرة ومبتعدة عن مشاركتها لزوجها وأبنائها حتى في وجبات الطعام وأجواء الإستراحة فهي تنام طوال النهار وتسهر طوال الليل وتلوذ بالصمت المطبق في حال جلوسها معهم، فجأة يكشتف خيانة زوجته مع جنسيات مختلفة عبر شبكة الإنترنت وتبادل صورها المشينة معهم، وفي حال مواجهتها أفصحت أن ما أمارسه كان إنتقاما من زوجي الذي أهملني كثيرا عرفت بعدها أنه كان يخونني مع أخريات بحجة أنهم يشاركنه همومه الفنية.

• أمل، مطلقة تعترف قائلة، عمدت إلى خيانة زوجي وسلوك طريق الإنحراف لأنه يتغيب كثيرا بحكم طبيعة عمله التي تفصله لفترات طويلة بعيدا عني وعندما يعود أفقد إهتماماته لرغباتي وحاجياتي وهو بخيل تجاه متطلباتي الحياتية ويصب إهتمامه بعائلته وأقربائه بعيدا عني. كانت فرصتي عندما التحقت بوظيفة سكرتارية في مؤسسة قريبة من منزلي، ومنذ الوهلة الأولى كان المسؤول عن القسم يرمقني بنظرات خاصة، وكلما وجد مبررا مرتبطا بالعمل إلا وطلبني وبادر بإستعمال كلمات وألفاظ لا علاقة لها بشؤون العمل، وكأننا في علاقة حميمية، كان يعوضني بها عن الجفاء العاطفي الذي أفتقده من زوجي بالإضافة إلى الراتب المغرى والإمتيازات التي يوفرها لي حتى كان يطلب مني البقاء لوقت متأخر، وعبر رسالة إلكترونية من الغزل الفاحش إكتشف زوجي ذلك فطلقني.

• وسام، موظفة حديثة وأم لطفلين تقول: إنسحبت من وظيفتي في الشهر الأول منها، حيث أنني تلقيت العرض الوظيفي بكل تفاعل وحماس لاكني فوجئت بأنه لاوجود في الشركة غير المدير وموظف فقط، أثارتني الدهشة من حركات زميلي المريبة الذي كان يناديني ”بحبيبتي“ ليطلب مني إتمام عمل إضافي متعلق بالشركة وكان يلاحقني ويتابعني بنظراته الجائعة محاولا الإمساك بيدي، مما دفعني إلى نهره وشتمه فخرجت من الشركة ودموعي على خدي رغم حاجتي الملحة للراتب، لاكن حرصا على سمعتي وحفاظا على أسرتي تركت العمل بدون تردد وعشرات الأسئلة تراود مخيلتي.

ثمة أمور رئيسية دفعتني لإثارة هذا الموضوع ومن أهمها:

1 – الخيانة الزوجية تعتبر مظهر من مظاهر العنف ضد المرأة وجريمة بحقها، وهي مشكلة تتوسع تدريجيا بين مختلف الأوساط والشرائح وتتخذ أشكال عدة قاسمها المشترك كونها ذات عواقب وخيمة على الأفراد والأسرة والمجتمع.

2 – التوجه للنساء بما يساهم في ترسيخ إحساسهن بالكرامة وتقدير الذات، والثقة بالنفس ومواجهة الخوف والعزلة، وتجنب الضغوط النفسية والإحساس بالذنب وقول ”لا“ بصوت عال لكل مالا يرضينه من تعامل وسلوك. فنسبة الخيانة التي تصدر من الأزواج تعلو بنسب كبيرة مقارنة بخيانة الزوجات.

3 – إن إثارة الإنتباه لموضوع الخيانات الزوجيه وماينتج منها وما يترتب عليها بالنظر إلى الأسباب الرئيسية التي تدفع بها يعد ”وقاية من أجل الحماية“ ناهيك عن حاجة الضحايا للدعم والتوجيه والمؤازرة، وإلى أهمية تسريع الخطى من الأجهزة التشريعية نحو إستصدار قوانين وتشريعات مناسبة حمائية للنساء في ظل استراتيجية ناجعة تنهض بمستقبل المرأة في بلادنا تثمر عن علاقات إنسانية متساوية بين الجنسين يسودها الحب والتفاهم والإحترام المتبادل داخل الأسرة وفي الفضاء الإجتماعي العام..

يقول تعالى ﴿يا أيها الذين آمنو لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون.

الحياة الزوجية أمانة بين الزوجين كل منهما مؤتمن على الآخر ضمن عقد مقدس يجب إحترامه من حيث آداء الحقوق والواجبات، ومن حيث إحترام العلاقة وعدم الشط في طريق الإنحراف، والحياة الزوجية لا تصفو ولا تسمو إلا في جو يشع بالآمان تسوده الثقة والمحبة المتبادلة، والخيانة جريمة مرضية محرمة شرعا وعرفا لما لها من آثار سلبية خطيرة تعود على الفرد وعلى الأسرة والمجتمع، وهي حلقة في دوامة العنف الأسري وفي سلسلة التحقير ضد المرأة. فخيانة الزوج ظلم قاسي بحق الزوجة ووسيلة من وسائل تعقيدها وإفقادها الثقة بنفسها تصل فيها المرأة في حال لم تسيطر على نفسها وتحكيم عقلها لمرحلة الإنهيار أوالإنتحار أحيانا.

يشير الكثير من النفسانيين إلى الخيانة الزوجية بأنها علاقة غير مشروعة بين أحد الزوجين مع طرف ثالث، وأبسط أمثلتها، الإعتداء الجسدي والإحتكاك المباشر والمحادثات غير الشرعية بالكلمات الخادشة والنظرات الجرئية والايحاءات السخيفة، مؤكداً على حدوثها من الرجال أكثر من النساء!!

وتشير بعض الدراسات إلى أن مرتكبي هذا الجرم من الراشدين يعانون من اضطرابات وتعقيدات في حياتهم حتى ولو بدا مظهرهم متوافقا اجتماعيا. وكثيرا ما يكونون مصابين بفصام في الشخصية أو أعراض مرضية سيكوباتية. وقد يكونون مصابين ببعض مظاهر وأشكال التخلف العقلي أو واقعين تحت تأثير إدمان الكحول أو المخدرات.

وحرص الدين الإسلامي على تنقية الأجواء الإجتماعية من المثيرات الشهوية، فجعل العلاقة بين الجنسين قائمة على أساس الإحترام الإنساني فوضع قوانين لمنع قضايا الزنا يعبر عن ذلك فضيلة الشيخ فوزي ال سيف قائلأ: ” الزنا لايقع مرة واحدة فهو يتمكن بتهيئة الأجواء عبر الإتصالات ومكالمات الغزل والمعاشقة والخلوة والصداقة، ويقع الزنا بالنظرة الشهوية وبالقبلة والملامسة مباشرة أوعبر العلاقات العاطفية بالتلفون أو الجات والدردشة، فالإسلام حرم الخلوة فلايجوز للرجل الإختلاء بالمرأة الأجنبية «التي لا تربطه بها رابطة محرم أو نكاح» وفي الخلوة رأيان حسب الفقهاء بعضهم حرم الخلوة بين الرجل والمرأة مطلقا متى تحققت حرمت في أي وضعية كانت، والبعض الآخر حرم الخلوة إذا خشي منها الوقوع في الحرام فهي تحرم، وإذا لم يخشى الوقوع في الحرام الأفضل تجنبها، وهي مباحة لاتحرم. وحول العلاقات الغير شرعية سواء كانت بمعنى تبادل أحاديث الحب والغرام أوالإثارة بين طرفين ليس بينهما رابطة شرعية، أو كانت بتبادل الصور الفاضحة والكاشفة فضلا عن الملامسات بشتى أنواعها كلها محرمة وأعظمها الزنا.

وفي حال وقعت الخيانة من كلا الزوجين أو أحدهما فنحن لا ننصح الزوج أو الزوجة بالمسارعة إلى الإفتراق والطلاق وننصح بمزيد من الصبر محاولة في إصلاح وتغيير الشريك المنزلق في الفعل الفاحش فالحسنات يذهبن السيئات.

لاكن فقهيا يجوز للزوج طلاق الزوجة المنحرفة، كما يجوز لها إذا كرهته على أثر خياناته المتكررة كراهة شديدة يجوز لها طلب الطلاق والخلع، أو ترفع أمرها للحاكم الشرعي “.

ويؤكد المحامي عبدالله آل كلة على أن الخيانة تعتبر جريمة، ولكن تختلف في حدود تطبيق العقوبة من بلد إلى آخر، وهناك بلاد تطبق الشريعة الإسلامية في الزنا وتعتبره حداً من حدود الله، ولهذا تطبق فيه عقوبة الرجم للزاني المحصن وعقوبة الجلد والتغريب للأعزب في حال ثبوت الزنا، أما في حال عدم ثبوته فيمكن للقاضي الحكم بالعقوبة التعزيرية».

أما بالنسبة للأثر القانوني للخيانة فيوضحه بقوله «خيانة الزوجة لزوجها يسقط حقها في المتعة وبقية حقوقها لمؤخر الصداق وحق الحضانة إذا كان الأولاد في سن التمييز ولا تحتفظ إلاّ بالطفل الذي دون العامين، أما الزوج الذي تثبت عليه الخيانة «الزنا» فتستطيع الزوجة رفع دعوى قضائية تطالب من خلالها بالطلاق وبالتالي تستحق جميع الحقوق المترتبة على ذلك بالإضافة إلى حقها في المطالبة بالتعويض عما أصابها من ضرر معنوي.

أبرز أسباب الخيانات الزوجية ومظاهرها:

1 – التحرش الجنسي: التحرش الجنسي ظاهرة سيئة وسلوك مشين يعبر عن إحتقار المرأة والتقليل من شأنها وفيه إعتداء على كرامتها، وهو نوع من أنواع العنف التدريجي الذي يبدأ بالملاحقة عبر النظرات والكلام والألفاظ المخلة بالآداب والأخلاق ثم باللمسات ثم ينتهي بمحاولة إغتصاب، وتتعرض له غالبية النساء على إختلاف أعمارهن ومستوياتهن الإجتماعية والإقتصادية، وكيفما كانت طريقة لباسهن عصرية أو تقليدية فالتحرش يكرس دونية المرأة.

2 – العنوسة: العنوسة هي الشبح المخيف الذي يلاحق كثيرا من الفتيات السعوديات، حيث يشير البعض إلى وجود نحو 2 مليون عانس بالمملكة، وأكد بعض الاختصاصيين لجمعية وئام في المنطقة الشرقية، أن نسبة العنوسة في المملكة بلغت إحصائيتها الأخيرة قرابة مليون ونصف، مشيرا إلى أن تحذيرات المختصين تنذر ببلوغ النسبة قرابة أربعة ملايين عانس في المملكة خلال السنوات القادمة. أنه رقم كبير ومخيف، وينذر بكارثة اجتماعية إن لم توجد الحلول الجذرية لهذه الظاهرة. إن تنامي هذه الظاهرة وتصاعدها في المجتمع السعودي، سبب في مشكلة إنحراف الأزواج حيث نلحظ تصيد بعض الرجال للعوانس لإقامة علاقات غير شرعية معهن، وبالمقابل ملاحقة بعض الفتيات الغير مهذبات سلوكيا لبناء علاقات غرامية مع بعض المتزوجين دون خجل أوحياء.

3 – الإهمال الأسري وعدم الرقابة والمتابعة ومنح الثقة المطلقة للفتاة دون وعي والإقتصار على تلبية إحتاجاتها المادية دون النظر إلى وضعها النفسي وإشابعها عاطفيا، والهروب من المسؤولية التي تعتمد على ان الفتاة بالغة رشيدة فتفقد الإهتمام الذي يدفعها لأن تكون سلعة رخيصة عرضة للصيد والافتراس.

4 – الإستخدام السلبي لوسائل الإتصال الإلكتروني التي باتت متاحة في يد الجميع دون رقابة أو روادع ذاتية.

5 – ضعف التوجيه والتوعية في خروج المرأة للعمل الوظيفي ومستجدات الوظيفة المختلطة، والإفتقاد إلى قوانين الحماية.

6 – ضعف شخصية المرأة وقابليتها للإنحراف، فقابلية المرأة لها دورا اساسيا في وقوع الاعتداء عليها بالصمت او الاستدراج والاستسلام للمتحرش سواء كان متزوجا أو أعزب.

هذا بالإضافة إلى ضعف الوازع الديني عند كلا الزوجين أو أحدهما، سوء الاختيارقبل الزواج، نقص العاطفة الزوجية ليست الحميمية فقط، عدم اشباع العاطفة النفسية، رواسب تربوية تعود علها الرجل الخائن منذ الصغر، الإختلاط المحرم، نقص الحب والرحمة والمودة بين الزجين، كثرة المشاكل الزوجية، الجفاء العاطفي، الأصدقاء ورفقاء السوء، ادمان المخدرات،، الرغبة في الانتقام، البطالة، الفراغ وغيرذلك.

كيف نحقق الأمان الأسري؟

أخص هنا المرأة أو الزوجة ”الضحية“ عليك إلتزام مايلي:

المواجهة:

في حال إكتشفت خيانة الزوج تماسكي، وحافظي على ثقتك بنفسك، لاتكوني ضعيفة تجنبي الإنفعال السلبي وتصرفي بحكمة وذكاء، تجنبي الإحساس بالذنب واتهام الذات، واجهي زوجك مع تقديم الأدلة لأن المواجهة فيها رفض لسلوكه قد تكون نزوة لا تتسرعي مبدئيا بطلب الطلاق رغم أنه من حقك ولاكن قدري الأمر لحفظ الإستقرار والتوازن في الأسرة. وإن كانت زميلة أو صديقة تجاهليها وحذري أهلها ومن ثم إبعديها عن بيتك وحياتك الشخصية.

لا تشعري نفسك بالدونية والنقص:

إن وضعية المرأة المعنفة لم تكن لتصل الى هذا الحد من التدني لولا قبولها الضمني بانها أدنى من الرجل وأن الرجل له الحق في أن يفعل مايشاء كونه رجل. فمعظم النساء اللواتي استنكرن بشدة حوادث تعنيف نساء لدرجة الموت والإيغال في الإيذاء يتقبلن الأنماط الذكورية في المجتمع السعودي لا بل يحرصن على المحافظة والبقاء على الوضع الراهن، وهذه بحد ذاتها عقدة يجب أن تتحلل وتنفك عن المرأة.

تجنب الصمت:

ثقافة ”الصمت السلبي“ لازالت سائدة في المجتمع نتيجة لتراكمات سابقة بإسم العادات والتقاليد الإجتماعية والتربوية وللأسف تم تعزيزها من الاسرة والمجتمع والمدرسة، وتحت مسمى العيب والخوف من العار والفضيحة، بالإضافة إلى تحميل المجتمع المرأة المسؤولية عن أي اعتداء تتعرض له مهما كانت براءتها، كل ذلك جعل المرأة تعاني وتقضي حياتها وهي ضعيفة ومحبطة.

لذلك على المرأة في حال تعرضها لخيانة زوجية أو تحرش جنسي تجنب الصمت كي لا تكوني عرضة للمساومة والإبتزاز في أي موقع كانت داخل البيت أو خارجه، وأن لا تدع صمتها يؤدي بها الى الإنفعال والانهيار العصبي أوالشعور بالاحباط والهزيمة والإستسلام، أويفقدها التركيز ويضعف قدرتها الفكرية والجسمية، أويؤدي بها الى فقدان الثقة والعزوف عن الناس، فصمت المرأة لايمنحها أية حماية بل قد يؤثر على وضعها الصحي، ويدفع الزوج الخائن والرجل المتحرش للتمادي والإستمرار، وقد يجبرها على التنازل عن حقوقها بكل سهولة.

فعلى المرأة أن تحافظ على عفتها فجسدها ملك لها وحدها لايحق لأحد مسه أو إنتهاك حرمته دون رضاها. وأن تكون محتشمة متمسكة بحقها في إختيار هندامها وأناقتها ومظهرها الخارجي تعبيرا عن ذاتها وأنوثتها، وتثق بأنهم ليسوا السبب في التحرش بها وإنما هي النفوس المريضة.

أكرر لاتلوذي بالصمت وتحدثي الى أقرب شخص هو موضع ثقتك ليسدى لك النصح والمؤازرة كأحد افراد العائلة أو إحدى الصديقات أو المعارف.

الوعي بالحقوق:

جهل المرأة بحقوقها وتعسير إجراءات التقاضي يجعل المرأة عرضة للمعاناة، وهنا يتجلى دور الجمعيات الحقوقية في بث الثقافة الحقوقية وأهمية الشكوى وإيصال الصوت لما لها من دور مهم في انتشال ضحايا هذا العنف من مستنقعات الظلام والضياع، فالجهود لازالت قاصرة وخجولة في بث الثقافة الحقوقية لعامة المجتمع والمرأة خاصة، لاسيما في التعرف على الإجراءات الإحترازية لحماية نفسها. في الدول العربية هناك مراكز إستماع ومؤسسات مدنية تهتم بمعالجة قضايا العنف ضد النساء، وبلادنا بحاجة لمثل هذه المؤسسات التي تعمل على إرجاع الثقة ورفع المعنويات وإعادة التوازن النفسي وللإستشارات القانونية التي تخدم المرأة وتعالج قضاياها.

الزوج التائب:

في حال حرص الزوج الخائن على حياته الأسرية وتاب وندم على عمله، فهذا لايكفي بل عليه العمل جاهدا على مايلي:

1 – الإعتذار وطلب الغفران من الزوجة.

2 – إعادة الثقة: فالثقة ركن أساسي في الحياة الزوجية السعيدة لابد أن تكون متبادلة ومطلقة بين الزوجين لا تشوبها شائبة، ومع الزوج الخائن من المؤكد أن تنتزع هذه الثقة وإذا إنعدمت ساد الشك والغيرة وإمتدت إلى عدم الثقة في قدراته وأفكاره ومواقفه وجميع تصرفاته، ولأن مقابل كل ذرة شك تنهار أمامها ذرة حب فيضيع الحب وتبدأ مؤسسة الزواج نحو الإنهيار، الذي يحول الحياة إلى جحيم لا رجعة فيها.

فكن صادقا وصريحا وأخبر زوجتك عن حبك وحاجتك لها، وتجنب الكذب واللف والدوران فالصدق هو أساس الثقة، وإمنحها الآمان فالأمن إن فُقد فإن الإنسان لا يهنأ بعيش أبدًا، وهذا ما يحدث لأحد الطرفين في الحياة الزوجية كما يعبر عنه المختص جاسم المطوع في كتابه – الحروف الأبجدية في السعادة الزوجية – إذا لم يتوفر لأحد الأطراف الأمن النفسي من الطرف الآخر حتى لو أغدق عليه المال والعقار، فإنه يبقى محتاجًا إلى الاهتمام به ليشعر أنه آمن، يبقى محتاجًا إلى اللمسة الحانية، وإلى النظرة الرحيمة، وإلى مشاركته في الأحزان والأفراح، ويبقى محتاجًا إلى الجلوس معه والحديث إليه عن الأحلام والأماني المشتركة، حينها يشعر أن الطرف الآخر مهتم به ويقدره ويحترمه…. ولهذا لا بد أن يُسمع الزوج زوجته بعض الكلمات التي تشعرها بالأمان في حياتها معه، وكذلك الزوجة تسمع زوجها بعض الكلمات التي يشعر الزوج بعد سماعها بأنها تحافظ عليه وعلى أبنائه وأمواله وبيته فيطمئن ويستقر فاعطي زوجتك الآمان تعطيك الحب والإهتمام.

أخيرا:

في ظل غياب قوانين تشريعية مدنية في مجال الأحوال الشخصية وقوانين التحرش الجنسي وحماية النساء من العنف الأسري وعدم تفعيل الإتفاقات الدولية وعدم وجود المرأة في المجالس التشريعية، وغياب مؤسسات مجتمع مدني لتأهيل المرأة المعنفة وتمكينها في الحياة الإجتماعية وعدم وجود مجلس أعلى يهتم بشؤون المرأة، تبقى السعودية مواطنة أسيرة من الدرجة الثانية تعيش الظلم والضيم في واقعها، فهلا صحت ضمائرنا؟!

أضف تعليقاً