أ . عالية فريد >> حديث الشهر


العنف ضد الطفل المعاق

7 أغسطس 2015 - أ . عالية فريد

قبل أيام عدة انتشر مقطعا تم تداوله عبر وسائل التواصل الإجتماعي حول تعرض أحد المعاقين من ”متلازمة دون“ للإيذاء والعنف وسط أحد مساجد المنطقة وهذا مايؤسف له حقا ان نرى مثل هذه المناظر في مجتمعنا الإنساني والمحب. مايؤلم حقا هو جهلنا بالتعامل مع هذه الشريحة الضعيفة من أبنائنا التي تحتاج الى مضاعفة الجهد في الرعاية والإهتمام والحرص في التعامل معها بكل بمسؤولية ورفق.

يجب ان ندرك إن دور الأسرة كبيرا وهاما في مداراة أبنائهم من أصحاب الإعاقة الذهنية وغيرهم من ذوي الإحتياجات الخاصة، واني لأتعجب ان كان ولي الأمر يهب فزعا عندما يتعرض إبنه لإهانة أوضرب وسط المدرسة او من قبل أحد رفاقه فإنه يقوم الدنيا ويقعدها، فكيف اذا كان هذا الطفل البريئ اوهذا الشاب الذي يحتاج منا لأدنى رعاية وحنان يعامل بهذه الطريقة البشعة من العنف والتعرض للضرب والإهانة وهو في بيت من بيوت الله حيث المأوى والأمن والسكينة والطمأنينة النفسية التي يحتاجها ويستمدها من روحية المكان.

إن دور الأسرة أساسي وهام في مداراة أبنائها المعاقين، لما لهذا الدور من آثار على نمو الفرد وتكيفه النفسي وتفاعله مع أسرته ومع أفراد المجتمع، خاصة وأننا نجد بعض الأسر تمارس كافة أشكال العنف ضد الفرد المعاق ليس إلا لكونه مُعاقًا، وإعاقته تجلب لهم الإمتعاض والحرج.

إن ماجرى من إعتداء يعد ممارسة لا إنسانية وغير أخلاقية بحق هذا الطفل يجب أن ندينها جميعا وأن يحاسب من قام بهذا العمل المشين دون الحاجة لإستدرار عواطف الناس للتستر على الخطأ أوالإ همال الذي صاحب هذا الفعل ف «فالراحمون يرحمهم الله».

وعل ماحدث يثير فينا الإهتمام نحو توجيه المجتمع إلى إحتواء هؤلاء المعاقين وحاجتهم بدمجهم إجتماعيا، فإن إساءة معاملتهم ظاهرة سلبية لها آثارها المستقبلية على الصحة النفسية والعقلية لهؤلاء الأطفال، ناهيك أن يكون هؤلاء الأطفال مصابين بإعاقات مختلفة قد تتطور إلى مراحل متقدمة ومستعصية على العلاج في حالة تعرضهم المتكرر للعنف أو الإساءة، نتيجة إخفاق الأسرة في التعامل معهم نظرا للإحباطات اليومية لعدم تفهمها لحاجاتهم ومتطلباتهم، ونتيجة القسوة التي يتعرضوا لها من المجتمع سواء كانت مقصودة أو غيرمقصودة.

إن رعاية الأطفال المعوقين ليست مقتصرة على الأسرة فقط، فليس هناك ما يبرر إغفال دور المجتمع ومؤسساته التربوية والتعليمية بتوعية وتعليم أبنائها على الأخلاق والتعامل والسلوك الحسن مع الآخرين لاسيما في التعاطي مع المعاقين.

فإن مشاركة جميع أفراد المجتمع بالعملية التربوية تعود بفوائد لا على الطفل المعوق فحسب، وإنما على الأسرة وذلك بتخفيف الضغوط والتوترات النفسية التي تعيشها بالذات إذا بليت بحالة إعاقة أو أكثر حيث ينتابها القلق والحزن المستمر نظرا لتعايشها المباشر مع الصعوبات التي تفرضها هذه الإعاقة مقارنة بالأسر التي ليس لديها أفراد معوقون. مما يتطلب منا دعمها إجتماعيا والتعاطف معها وتفهم مشكلاتها وحاجاتها ومؤازرتها.

واجبنا الأخلاقي والإجتماعي والوطني يحتم علينا أن نقوم بدور ايجابي تجاه التعامل مع ذوي الإحتياجات الخاصة وأن نتقبل تفاعلهم معنا معززين ثقافة التعايش مع الإعاقة، فهؤلاء أبناؤنا جزء من المجتمع أمانة في أعناقنا مسؤولون ومحاسبون عليها، فبقدر حاجتهم للعناية الأسرية والرعايا والعلاج هم بحاجة إلى إحترام كرامتهم وحقوقهم وتوفير الحماية الإجتماعية لهم ومحاربة كافة أشكال العنف ضدهم.

أضف تعليقاً