أ . عالية فريد >> حديث الشهر


المرأة السعودية واليوم العالمي

11 مارس 2016 - أ . عالية فريد

ثمة مفارقة كبيرة تخيم على احتفالات اليوم العالمي للمرأة بين واقعنا العربي ودول العالم. إذ بينما يحتفل العالم باليوم العالمي للمرأة المصادف للثامن من مارس من كل عام، من خلال تسليط الضوء على واقع المرأة في العالم، وتقييم ما حققته من تقدم وانجازات سعيا نحو الوصول الى المساواة الكاملة في الحقوق وتجاوز الصعوبات والتحديات، تحتفل المرأة في واقعنا العربي والإقليمي بهذه المناسبة – مع الأسف الشديد – في ظل تفاقم الصراعات والحروب والتجاذبات وتنامى ظاهرة العنف والتطرف والإرهاب، وتصاعد موجة النزعات والأزمات الأديلوجية الفكرية، واشتعال الإحترابات الطائفية والإقتتال الداخلي والتي تدفع فيها المرأة ثمنا باهضا. وكأن المرأة العربية لم يكفها الوقوع ضحية الفقر والجهل والمرض والبطالة والأمية حتى أصبحت ضحية أيضا لكل هذه النزاعات، فهي الفاقدة الثكلى، وهي المشردة النازحة، وهي السبية المختطفة، وهي المهجرة المضطهدة، وهي المهمشة مسلوبة الكرامة والإنسانية، وتراجع حقوق الإنسان تحت كنف ما تعايشه من مشاهد دامية وجرائم بشعة تؤدي بها نحو الإقصاء والظلم.

دون أدنى شك، يأتي الثامن من مارس هذا العام حاملا معه مزيدا من الألم والفوضى والقلق تجاه ما يواجه المنطقة برمتها من تحولات وتحديات خطيرة لها تأثيراتها الجذرية والقاسية لاسيما على واقع المرأة في المنطقة العربية والشرق أوسطية خاصة، الأمر الذي يستدعي أهمية تحكيم العقول لمعالجة كافة الأزمات والصراعات المتراكمة التي تعصف بمجتمعاتنا، وذلك حتما لا يتم إلا بتوافقات وإصلاحات سياسية ومصالحات وطنية تنشر رسالة السلام والتسامح من أجل الكرامة والحرية والمساواة والعدالة الإحتماعية.

على الصعيد المحلي وواقع المرأة في المملكة العربية السعودية لايزال التطلع قائما نحو وضع استراتجية وطنية تعزز من مشاركة المرأة. فمع ما وصلت اليه المرأة من تقدم وما أحرزته في السنوات الأخيرة من فرص جعلها تتألق بإنطلاق المشروع الإصلاحي الدي لازال يتواصل مع العهد الجديد، فإنه يسلتزم وجود استراتجية ورؤية وطنية واضحة في اطارعملية التحول الدي تعيشه المملكة ضمن هدا المشروع متزامنا مع ما يؤمن به من أهمية استثمار طاقة النساء الإيجابية ومشاركتهن في مواقع صنع القرار التي يجب أن تكون على أساس المساواة وتكافؤ الفرص، وتعزيز دور المرأة في بناء دولة المواطنة المتساوية.

كم تمنيت أن يتوج هذا اليوم بأمرين رئيسيين أولهم: مجلس أعلى للمرأة السعودية تأطيرا لإنجازاتها وحفاظا على مكتسباتها، ويترجم الخطط الإصلاحية لتوجه القيادة الجديدة بتمكين المرأة السعودية في مختلف المجالات، كما ينهض بالمرأة ويدعم مشاركتها في الحياة العامة بشكل فاعل ويساهم في تعزيز مسيرة التطوير الوطني التى تسعى إليه المملكة.

ان وجود مجلس أعلى للمرأة السعودية له أهمية بالغة في النهوض بها كشريك في عملية البناء والتنمية. كما ويحافظ على استدامة جهودها الوطنية ويبرز آدائها ونجاحاتها على أرض الواقع، علاوة على الدور الكبير المعوّل عليه في مناقشة مشاكلها وهمومها، والوقوف على مواقع القصور والخلل وفق ما تحقق من تطور في التشريعات الوطنية والمواثيق العالمية الخاصة بها والتي تسهم في تثبيت حقوقها وتعزيزها، ويوفر كافة أوجه الدعم لتمكينها من خلال ما تقدمه من برامج ومشاريع ومبادرات. ولا تكمن أهمية ودور المجلس – فيما لو رأى الضوء – في شئون المرأة فقط، بل يتجاوز دوره إلى مستوى تعزيز دور التشريعات الخاصة بالمرأة والأسرة لما في ذلك من تأثير كبير على استقرار الأسرة السعودية ومعالجة مشاكلها وحصر معدلات الفقر والطلاق والبطالة وفق نطاق مقنن ومحدد وضمن نظام المؤسساتية تزامنا مع ماتم وضعه من خطط وطنية في هدا المجال. كما ويحرص المجلس المزمع على التنمية المستدامة للمرأة في شتى الميادين السياسية والإقتصادية والثقافية الإجتماعية. ان وجود مجلس أعلى للمرأة السعودية بجانب مجلس الشؤون الإقتصادية والتنمية سيحقق التقدم ويعزز موقعية المرأة السعودية بشكل أكبر وعلى نطاق أوسع.

الأمر الثاني: أهمية السماح بمؤسسات المجتمع المدني المعنية بالمرأة، وإزالة كافة القيود التي تحد من انطلاقتها. فهي ركيزة حضارية من ركائز التنمية تساند الدولة في عملية البناء والتطوير وتدعم مسيرتها التنموية، وذلك لما لها من دور كبير في نهضة المجتمع وتقدم الأمة ولها انعكاساتها المباشرة في تطور وعي المرأة ورقي فكرها وتنشيط حركتها وثقافتها والنهوض بدورها كعنصر بشري يخدم الوطن والتنمية المستدامة، فلا تنمية بدون مؤسسات مدنية، فالجهود الرسمية والاهلية التطوعية بهذا الشأن لابد أن تتفعل لتسير في خط متواز يخدم الدولة، وتكون مظلة تضم بين جناحيها كافة العناصر النسائية العاملة، من جمعيات ولجان نسائية، وكافة المبادرات التطوعية إضافة إلى العناصر النسائية المستقلة والناشطة في شؤون المرأة، فإن ذلك يحفظ استمرار جهود المرأة السعودية ويعزز تواجدها الفاعل ومكانتها في شتى الميادين السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية، فالمرأة السعودية مع مانالته من حقوق جزئية لابد أن تحصل على حقوقها كاملة غير منتقصة، فمع ما تبذله المملكة من جهود إصلاحية في ظل التحولات التي تمر بها وفي مسيرة المرأة خصوصا فإن ذلك يعني زوال كافة الرواسب الماضية وتجاوز التحديات التي كانت تعرقل حركتها في ممارسة دورها التنموي والتوعوي والخدمي الذي نأمل أن تؤديه في المجتمع. إن ما حازت عليه المرأة السعودية من تقدم على مستوى حقوقها الخاصة ومساهمتها الفعالة في انتخابات الغرف التجارية وفي انتخابات المجالس البلدية كمرشحة وناخبة أعطى مؤشرا جديدا ودافعا قويا للعمل النسائي في المملكة نتمنى أن يؤول إلى مستقبل مشرق يجعلها كاملة الأهلية تمارس حقها في المواطنة، ولا شك بأن وجود مجلس أعلى للمرأة سيسههم على نحو كبير في تحقيق هذا الأمر.

نسأل الله سبحانه ان يحقق أمانينا وأمنية كل إمرأة في هذا العالم.

أضف تعليقاً