أ . عالية فريد >> حوارات


الشيخ الصفار وحديث عن الشباب

13 ديسمبر 2000 - أ . عالية فريد

عادة السهر في رمضان و النوم في نهاره إذا لم تصطدم بالواجبات فالأمر متروك لرغبة الشباب
بدا اهتمام المجتمع من خلال مؤسساته الرسمية والأهلية بقضايا الشباب واضحا ويلاقي تجاوبا من الشباب أنفسهم فهم صناع المستقبل و التقدم وعماد أية امة ومجتمع.
وحول الشباب في شهر رمضان, التقت الوطن بالشيخ حسن الصفار فهو رجل له باع طويل في معالجة مشاكل الشباب و همومهم.* شهر رمضان. هل يعني للشباب شيئا مميزا ومعنى خاصا؟

– الشباب والشابات يعيشون فترة استيقاظ الرغبات واشتداد ضغوطها, فمرحلة الشباب حساسة جدا لجهة تتبلور الأحاسيس و العواطف, وبلوغ الشهوة أوجها في نفس الشباب والشابة.
مما يجعل الشباب في حاجة اكبر إلى قوة الإرادة, لمواجهة ضغط الرغبة والشهوة. إن ذلك يشبه حاجة قائد السيارة وهو ينحدر بها من طريق مرتفع إلى قوة الفرامل والكوابح وألا تعرض لخطر فقدان السيطرة عليها.

* تتسابق في شهر رمضان القنوات الفضائية ومحطات التلفزة على استقطاب المشاهدين عبر برامج المسابقات والأفلام وسواها, ويستمر الشباب والشابات بالفعل ساعات طويلة أمامهم لمتابعة تلك البرامج, ما تعليقكم على هذه الظاهرة؟

– لاشك أن وسائل الاتصال والأعلام من فضائيات وانترنت أصبحت مصدرا من مصادر المعرفة و التثقيف لايمكن الاستغناء عنها, لكنها في الغالب تعتمد برامج الإثارة, وتحريض الرغبات والشهوات عند الإنسان, خاصة الشباب والشابات, وتقوم بدور البشير والترويج الأنماط سلوكية مخالفة لنظام القيم في مجتمعاتنا الإسلامية, وبعض برامجها قليل الفائدة إن لم يكن عديم الفائدة ويضيع وقت المشاهد هدرا.
إننا لا نطلب من الشباب مقاطعة هذه الوسائل الإعلامية, لان ذلك يعني الانغلاق والانطواء ولكننا نلفت أنظارهم إلى ضرورة التقويم والنقد المتميز, فلا يسلمون عقولهم ونفوسهم لما يعرض عليهم دون دراسة وبحث و تمحيض.

* من المتغيرات الملحوظة على الشباب في شهر رمضان عادة السهر في الليل والنوم أطول فترة من النهار حتى يتلافوا عناء الصوم ويستمتعوا بليالي شهر رمضان ذات النكهة الخاصة فهل لكم وجهة نظر حول هذا الموضوع؟

– لا أحبذ كثرة القيود والتدخل في حياة الناس الخاصة, وحريتهم في تنظيم برامجهم و عاداتهم, وخاصة إذا كان هذا التدخل باسم الدين والشرع, فالدين ليس مجرد قائمة من الممنوعات و المحظورات لتعقيد حياة الإنسان, ومكافحة ميوله ورغباته, بل انه دين يعطي الإنسان أقصى حرية وأوسع مدى للاستمتاع بهذه الحياة. لذا يقرر الفقهاء إن الأصل في الإسلام الإباحة والحيلة حتى يثبت العكس فكل شي مباح وحلالا إلا إذا ثبت استثناؤه بالمنع والتحريم من قبل الشرع.
لذا فان عدة السهر في ليالي رمضان والنوم في نهاره إذا لم تصطدم مع الوظائف والواجبات الأخرى, فذلك أمر متروك لرغبة الإنسان وحريته.
ونشير هنا إلى بعض حالات التصادم: مثل انعكاس السهر على أداء الإنسان لعمله المكلف به في النهار, فإذا كان موظفا ولم يأخذ حظه من النوم, وجاء إلى العمل متعبا كسلانا, فان ذلك يسبب ضعف إنتاجيته, وقد يجعله سيء التعامل مع زملائه في العمل و مع المراجعين. هنا يحصل تصادم بين هذه العادة وبين الوظيفة الواجبة, وهذا لا يصح شرعا ولا يقبل عقلا.
* توجد في المجتمع برامج دينية ثقافية في شهر رمضان كمجالس الخطابات والمحاضرات لكن إقبال الشباب و الشابات عليها ليس بالمستوى المطلوب فإلى أي سبب يعزى ذلك؟

– إن الخطاب الديني غالبا ما يكون تقليدي ومكررا, وفاقدا للحيوية, وغير مواكب لما يعيشه الشباب من هموم وتطورات, وبالتالي يعجز عن استقطاب الشباب وحشدهم, ونجد في المقابل علماء وخطباء و مبدعين, يقدمون المفاهيم الدينية بأسلوب عصري واضح, ويعالجون قضايا الشباب والمجتمع بعمق وحكمة, وهؤلاء الخطباء عادة ما تزدحم مجالسهم بالمستمعين ويقبل عليهم جمهور الشباب.
إن وسائل الاتصال والأعلام المتطورة كالفضائيات والانترنت خلقت منافسة شديدة للخطاب الديني, وجعلته اما م تحد كبير, فإذا كان الشاب يشاهد برامج علمية وفكرية تتنوع فيها الآراء, والاطروحات, ثم يقارن ذلك بلغة وعطية مكررة و قاسية, لاشك انه سنفر منها ويقبل على برامج الفضائيات.
وعلى علمائنا وخطبائنا أن يرتقوا بخطابهم إلى مستوى التحدي, ويتوفروا على مادة عملية, ومواكبة عصرية, وأسلوب مناسب, إن مجرد التهجم على الشباب واتهامهم بالطيش والفساد و تهديهم بالنار والعقاب لا يحقق الهدف المنشود من إصلاحهم وتوجيههم, بل ينبغي الحوار معهم والانفتاح عليهم, وتحسس همومهم وظروفهم, والتحدث معهم باللغة التي يفهمونها ويعرفونها, وتلك هي الحكمة التي تقتضي وضع الشيء المناسب في المكان المناسب, وهي الموعظة الحسنة, التي تعني تهيؤ النفوس للتقبل, والاستجابة وذلك مصداقا للجدال بالتي هي أحسن, أي الحوار الموضوعي الهادئ.

أضف تعليقاً