أ . عالية فريد >> مشاركات


أحمد الملا و«عصابة» السينما

29 مارس 2016 - جريدة الشرق الأوسط

ميرزا الخويلدي

«السينما هي الشعر الذي لا أكتبه٬ إنما أعيشه بكل جوارحي٬ أقترن بصناعة أفلام٬ تضعني في المشهد كل لحظة٬ ولا أريد أن تنطفئ الشاشة أبدا».. هكذا تدفق الشاعر أحمد الملا٬ وهو يحدثني عن سبب اشتغاله بالسينما٬ بعد أن أدار بنجاح ثالث مهرجان للأفلام السعودية٬ ينعش آمال الشباب في الدمام منذ الخميس الماضي.

1105279373يحدثني قائلاً: «السينما قصتي التي لن تنتهي إلا بنهاية الفيلم الذي هو حياتي».

وأمام جمهور من المسؤولين والمثقفين والشباب الحالم بالسينما٬ يشرح أحمد الملا٬ رسالته: «علينا أن نجهر بالفن ونرفع صوت الجمال والحب في وجه القبح والكراهية٬ لم يعد خاف علينا أن غياب الفنون أضعف قيمنا الجميلة وأبدلها بأعراف جافة كلما توغلت توحشت أكثر».

أحمد الملا٬ أحد أبرز الأصوات الشعرية في التجربة السعودية الحديثة٬ يقول: «من جهتي الشخصية لدي سبب أصيل٬ فحيث أرى السينما أرى خلاصة الشعر وما الفيلم إلا قصيدة وربما أكثر٬ حيث يمكن القول: إذا كان الشعر ديوان العرب فالسينما رواية العالم)٬ ثم يقول: «السينما؛ خلاصة الفنون وسنامها».

يحمل أحمد الملا٬ وهو من مواليد الأحساء عام 1961. على كاهله هّما ثقيلا٬ هو «قضية السينما في السعودية»٬ فقد عمل أكثر من عشر سنوات على توطين صناعة الفّن السابع وإيجاد حاضنات فنية ورسمية للمواهب الشابة في التمثيل والإخراج وكتابة السيناريو٬ من خلال ثلاث دورات استقطبت عشرات التجارب السينمائية؛ في الدورة الأولى (2008) بلغ عدد الأفلام المشاركة نحو 58 فيلما. وفي الدورة الثانية (فبراير/ شباط 2015) بلغ عدد الأفلام المشاركة 66 فيلما٬ و34 سيناريو٬ وكان لافًتا حضور الفتيات السعوديات في تلك المسابقة٬ حيث حصلت ثلاثة أعمال لشابات سعوديات على الجوائز.

أما عن هذه الدورة الثالثة (24 مارس/ آذار 2016) فيحدثنا قائلاً: «بمجرد أن تم الإعلان عن بدء التسجيل٬ حتى تدافعت المشاركات٬ وكانت الحصيلة 112 فيلما مسجلا٬ و75 سيناريو لم ينتج٬ كنا نخشى أن ينخفض عدد المسجلين إلا أننا تلقينا ما يفوق تعداد الدورة السابقة٬ ومثله شهدنا ارتفاعا ملحوظا في الجودة وتميزا في النوعية. من بين 70 فيلما انطبقت عليها الشروط٬ جاء 45 فيلما يعرض للمرة الأولى٬ ومن بين 55 سيناريو عرضت على لجنة تحكيم السيناريو؛ ترافعت اللجنة بحماس عن أكثر من 10 سيناريوهات تستحق الفوز بأكثر من جوائز ثلاث».

يعرف أحمد الملا وأصحابه من الشباب أن طريقهم ليس معّبًدا٬ فالكثير من الصعوبات تنتظرهم٬ فما زالت السينما في السعودية تواجه ممانعة٬ أسوة بالممانعة لكافة أشكال الفنون٬ في وقت يعتبر فيه السعوديون أكثر الشعوب العربية استهلاًكا للفّن السابع٬ ورغم كونه محظوًرا٬ فإنه ينمو وينتشر٬ ورغم عدم وجود صالات عرض سينمائية فإنه يجتذب مواهب شبابية من الجنسين قّدمت إبداعات ذات مستوى مرتفع ومضمون قوي.

لقد أبانت التجربة السينمائية السعودية عن إمكانات هذه الصناعة الفنية وقدرتها على التأثير في الرأي العام ومطاولة قضاياه الحساسة. وخلال المهرجان الحالي في الدمام شاهدنا تجارب رائعة تنتمي لعصرها٬ وتقدم سينما حديثة من حيث المحتوى والقضية التي تطرحها.

تجارب كهذه كانت أحلاًما وجدت لها فرساًنا كأحمد الملا والعصابة الفنية التي يحزم ظهره بها٬ وهؤلاء لديهم من البسالة والإقدام ما يجعل الأحلام حقائق على الأرض.

أضف تعليقاً