أ . عالية فريد >> حوارات


رئيس لجنة التكريم الأهلية بالقطيف: كرمنا السيد العوامي لكفاءته ومكانته وعطاءه

27 مايو 2006 - أ . عالية فريد

في قاعة الملك عبدالله بن عبد العزيز الوطنية بالقديح أقيم حفلا بهيجا للأديب المحقق الإستاذ عدنان العوامي، حيث إستطاعت لجنة التكريم الأهلية بالقطيف في باكورة عطاءاتها أن تقدم هذا الحفل النموذجي والمتميز، والذي جعل الألسن تتحدث عنه والأنامل تشير له كأنجح حفلا أهليا على مستوى إختيار النماذج وتقديمها وقراءتها وعرضها على واقع المنطقة.شهد بذلك من سمع بالمهرجان ولم يحضره من أمثالنا نحن النساء، فضلا عن من حضروا ضيوفا من داخل المنطقة ومن قصدوا الحفل عنوة من خارجها وكذا من كل أطراف وربوع المنطقة الشرقية.

وعادة ما يكون على رأس مثل هذه المبادرات أناسا يفضلوا أن يبقوا أنفسهم خلف الكواليس وبعيدا عن الأضواء إلا أن قيمة هذه الفكرة وهذا النشاط ينبغي أن يكون موضع تقدير وإهتمام، فالعمل الصادق والجهد المخلص ينمو ويثمر لاسيما إذا خدم المجتمع وساهم في إعلاء راية الوطن وإبراز مفكريه ومثقفيه.. وبعد جهد جهيد إلتقيت بصاحب هذه المبادرة ورئيس اللجنة الإستاذ محمد باقر النمر الذي فاجئني بنغمة مغايرة فهو ينفي أن يكون صاحب الفكرة والرجل الأول لهذا النشاط، مؤكدا في الوقت ذاته على دور جميع أعضاء اللجنة المؤسسة حسب تسميته والتي إختارته رئيسا لها.
فالإستاذ النمر يرأس تحرير مجلة «الواحة» المهتمة بشؤون التراث في المنطقة الشرقية، وبجانب الإستاذ السيد عدنان العوامي إستمرت المجلة في إصدارها على مدار إثني عشر عاما أثمرت بـ(41) عددا ولازالت مستمرة، تطلق إصدارتها المتفرعة فكتاب «رجال عاصرتهم» للسيد علي العوامي – وهو الإصدار الأول للواحة كان باكورة إصدارهما المشترك، وكأني أقرأ بأن كل واحد منهما يكمل الآخر، فالعوامي ذلك الحقل الكبير ليس من الشعر فحسب بل من تجارب الحياة والسنون التي فعلت فيه ما فعلت حتى أينع وإستوى وأصبح الآن في عز عطاءه، والنمر الشاب المفعم بالحيوية والنشاط في العمل الثقافي والإجتماعي. هما الإثنان من أسسا لمجلة «الواحة» التي لايزال أهل الثقافة والأدب والتراث في الشرقية خاصة يأملون في تداولها دون عنوة، ودون البحث عنها بين الأكشاك في الدول المجاورة..

ومن مجلة «الواحة» إلى رحاب تأسيس لجنة التكريم الأهلية بالمنطقة والتي تعمل على تقدير الكفاءات والإنتاجات المحلية، والتي تنم عن حالة صحية من التفاعل والحراك الحي والفعال في تقدم المجتمع دفعني لإجراء هذا الحوار..

نص الحوار:

• بصفتكم رئيسا ومؤسسا للجنة التكريم الأهلية بالقطيف، هل تعطينا نبذة عن اللجنة وأهدافها؟

– رئاستي للجنة هي من باب المسميات ليس أكثر ولا أمارس دورا رئاسيا، فالإخوة في اللجنة متساوون في مقاماتهم ومؤهلاتهم الإدارية، وأشكرهم لثقتهم بي على تحميلي هذه المسؤولية وآمل أن أكون عند حسن ظنهم بي، أما موضوع تأسيس اللجنة فقد تقاسم الجميع مناقشة الفكرة بكل تفاصيلها وتم الإتفاق بأن أعضاء اللجنة هي ذاتها المجموعة المؤسسة، وهذا ما سوف تبينه اللائحة الداخلية التي هي قيد الإعداد.

وأهداف اللجنة آراها مختصرة في عنوانها «لجنة التكريم الأهلية بالقطيف» والتي تنطلق بأهمية إيماننا بضرورة دعم المبدعين والمتميزين في الحقل الثقافي والإجتماعي والعلمي، وإبراز مكانتهم وكفائتهم وإشعارهم بوقوف المجتمع بجانبهم.

• من هم مؤسسي اللجنة؟ وكيف تم تشكيلهم؟ وما طريقة الإنضمام للجنة؟

– نحن ثلة متنوعة من أخيار المجتمع القطيفي، ونخبة من كفاءئه تتمثل في أربعة عشر شخصا تتوفر فيهم الهمم العالية نحو العطاء والعمل الثقافي والإجتماعي، وبإقتراح من هيئة تحرير مجلة «الواحة» تم إختيار الفعاليات والتوافق على أسمائها وتم مراعاة عدة أمور أهمها:

1- المناطقية، بحيث يمثل واحد أو أكثر دائرة من دوائر المحافظة.
2- التجانس، ويعني الإنسجام النفسي والتقارب الفكري، والقناعة بالعمل الإجتماعي الجمعي.
3- القناعات الفكرية المتنوعة التي تثري بعضها وتعكس الرقي الثقافي في محيط المنطقة والمجتمع والوطن.

أما عن الإنضمام للجنة في الفترة الحالية فهو قيد نقاش ودراسة، مع إبداء رغبة الكثير للإلتحاق باللجنة والإعلان عن تقديم خدماتهم لها، إلا أنها محل دراسة بين الإخوة المؤسسين، وإني أطمئن جميع من يود بالإلتحاق بأننا حريصون على التعاون مع كل المخلصين الراغبين في العمل معنا.

• تعود مجتمعنا على تكريم ورثاء الغائبين من الأموات، بيد أن مبادرتكم هذه جاءت خلاف المألوف، فهل هذا نهجكم؟ أم أن هناك مغزى آخر من الموضوع؟

– ليس مجتمعنا وحده الذي يكرم ويرثي رجالاته و كفاءاته بعد موتهم، بل هي من صفات عموم مجتمعاتنا الإسلامية والعربية المتدينة، وهي خاصة من المشرق إلى المغرب يمتلكون إزاءها فلسفة مفادها أن لايتقدموا في تزكية أحد على الله وأن الثواب لهو أولى ما يبحث عنه المسلم بدل طنين المدح والثناء.

وإرتأينا نحن كلجنة تمثل جزء من تركيبة هذا المجتمع، أنه لا فراق ولا تعارض بين هذه وتلك، فيمكن للمرء أن يحصل على الثواب إذا إبتغاه بنية حسنة، وفي ذات الوقت يشهد تقدير وتقييم عطاءه، قال تعالى ﴿ ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا برحمتك عذاب النار ﴾، ولابد من الإشارة إلى أن أكثر من تكريم تم لمعاصرين في العقدين الماضيين، مثل تكريم الشاعر الكوفي، والأديب عبدالله الجشي، والعلامة الشيخ سعيد أبو المكارم، والعلامة الشيخ علي المرهون، ولجمع من خطباء مدينة -صفوى- المميزيين أمثال جعفر المير والسيد أبو ياسين.

وإني لأشاطركم الرأي في ضرورة وأولوية تكريم الكفاءات في حياتها يروا بإم أعينهم التقدير والتشجيع ليكون ذلك دافعا لأمثالهم في الحذو حذوهم والإقتداء بهم في إمتلاك التفاني والعطاء والبذل من أجل الصالح العام.

• بحكم علاقتكم الشخصية مع المكرم السيد عدنان العوامي كيف وجدت هذا التأثير على شخصه؟

– لعل شخص السيد هو أولى أجدر بالإجابة على السؤال، وإجابتي ليست بالنيابة عنه، ولكن لم أرى فيه إلا عزما وهمة في العطاء والفاعلية وكأنه شابا عشرينيا، وكأني أرى أننا حملناه مسؤولية إضافية على عاتقه بعد إن قدم إخوانه وأبناءه من مجتمعنا الكريم هذه الوقفة الرائعة، وكأنه عرسا كبيرا كما عبر عنه عريف الحفل لحظة تسليم الدروع، وإعتلاء السيد منصة التكريم وهو يستحق بكل جدارة، رغم تحفظه يوم أبدينا رغبتنا لتكريمه فأخذ علينا العهود والمواثيق والشروط والقيود، وقالها مرارا لست وحدي الذي ينبغي أن يكرم ولابد من إشراك آخرين وهناك من أولى مني.. الخ وقبلناها حتى مر التكريم بسلام.

وهكذا عرفت السيد عدنان قبل الحفل متواضعا نبيلا وعرفته بعد الحفل رجلا شامخا.

• كيف تقيم تفاعل الناس مع اللجنة؟ والحفل بصورة خاصة؟

الحفل كان أكثر من رائع، ونجاحه تمثل في أمور عدة أهمها:
حشد كبير في حفل تكريم الشاعر الكبير السيد العوامي1- الحضور المتميز ومنذ بداية الدقائق الأولى كان حافلا بحضور فعاليات ثقافية وناشطين في العلم والأدب والفكر والخدمة الإجتماعية.

2- الدعم المادي والمعنوي من قبل رجال الأعمال وأهل الخير في المنطقة، وقد إستطعنا تغطية كافة مصاريف الحفل بدون مواجهة أي عجز يذكر، وهذا مؤشرا قويا على تفاعل وتجاوب المجتمع مع هذه اللجنة ومشاريعها.

3- زيادة الطلبات للإلتحاق من قبل عناصر الخير في المجتمع، كما طلبت بعض المناطق الإستفادة من التجربة رغم بكارتها، ومع ذلك فمستوى النظام والرتابة في الحفل نال إعجاب الجميع ولله الحمد.

• وماذا عن المشاكل والعقبات التي واجهتكم؟

– عدم إستطاعتنا تأكيد حضور عدد من الأحبة والمهتمين في المنطقة بسبب تأخر الدعوات أو عدم وصولها سبب ذلك إرباكا وإحراجا لنا، ثم إن وقت الإعداد لم يكن كافيا بالنظر إلى الإمكانيات المحدودة، حيث كان ينبغي إستعدادا مبكرا لمدة لاتقل عن ستة أشهر لأي حفل يراد له نجاحا أفضل، لكن مباركة المولى تعالى لجهود القائمين كانت كبيرة.

• ماذا عن مكانة ودور المرأة في نشاطكم هذا؟

– أهل القطيف عموما من أكثر المجتمعات إهتماما بدور ومكانة المرأة، فمثلا منذ عقود كانوا من أوائل المنادين بتعليمها في المدارس ثم بلتحاقها في السلك الوظيفي والمهني، وكان في حفلنا إشارة رمزية من خلال دعوة الدكتورة الفاضلة نهاد الجشي بكلمة ألقيت بالنيابة عنها، ولا أخفي أن سعيا كان لمشاركة أفضل للمرأة في المهرجان، وناقشنا موضوع الحضور النسائي في القاعة المجاورة إلا أن أنظمة مكان الحفل كانت تحول دون ذلك.

آمل أن نوفق بشكل أفضل في الإحتفالات القادمة لتأخذ المرأة مكانها الطبيعي الريادي الفاعل، وهو مانصبوا إليه ضمن رسالتنا الإجتماعية. وحقا آمل مشاركة حقيقية للمرأة معنا في فعاليات اللجنة القادمة وإنشاء الله نوفق في دورة قادمة لتكريم عنصرا نسائيا في مجتمعنا الحبيب.

• ماهي المعايير التي على أساسها تختارون مكرمكم؟ وهل تبوحون بالشخصية القادمة؟

– في حفلنا السابق كان الإختيار هو السيد عدنان العوامي ومعيارنا كان شخصية السيد لكفاءته ومكانته وعطاءه، ونخص بالذكر تحقيقه لديوان الشاعر أبي البحر الخطي الذي بذل فيه جهودا مضنية بحسب ما أعرف، وأدركت ذلك عن قرب بالإستاذ الكريم.

أما فيما سيأتي فهذا سابق لأوانه وراجع لقرار اللجنة تختار وتوافق على شخص وربما أكثر، واللجنة الآن بصدد وضع نظام داخلي يحوي على بنود وقواعد الإختيار التي ستكون للمبدعين والمعطائين في حقول مختلفة منها الأدب والثقافة والخدمة الإجتماعية وربما غير ذلك.

• إلى ما تطمحون؟

– نطمح لتشكيل لجنة مؤسساتية قائمة على أساس مهني تام تكون من مؤسسات المجتمع المدني في وطننا الغالي، يمكنها العمل على أسس وضوابط مهنية وتستمر على نهج ودستور وقوانين واضحة لا إعتماد على أشخاص وإجتهادات.

• ماذا تأملون من الجهات المسؤولة والإعلامية خاصة؟

– في مثل هذا الإنفتاح الذي تشهده الساحة الأمل يحذو بنا إلى تجديد في العقلية التي تتعاطى وتراقب الشأن العام في عموم وطننا الغالي، وأكرر المقولة المتداولة والمفردة الشهيرة أن العالم تغير وما حولنا تغير، وبقينا نحن لابد أن نتغير لنواكب الركب تلك حقيقة ملحة، وإن إهتمام سمو الأمير سلمان بن عبد العزيز آل سعود بحضور مناقشة مؤسسات المجتمع المدني في جلسة مجلس الشورى مطلع الشهر الحالي ليست عبثا، إنما هي رغبة في الإصلاح الوطني نأمل أن نرى ماهو أفضل.

ومانقوم به في اللجنة إنما هو من قبيل إنشاء مؤسسة مجتمع مدني أرجوا أن يترجم ذلك الطموح على أرض الواقع بعيدا عن البيروقراطية المعهودة.

أما الإعلام فقد وقف معنا مشكورا في حفل التكريم، وأخص بالذكر صحيفة اليوم وصحيفة الشرق الأوسط بتغطيتهما الجميلة الهادفة، وقد توجت تلك الوقفة من قبل الإستاذ حسين فقيه مستشار معالي وزير الإعلام بالمهاتفة مشكورا غداة الإنتهاء من الحفل معربا عن سروره وشكره وتقديره للقطيف وأهلها على مبادرة التكريم، مباركا نجاح الحفل الذي هو نجاح للثقافة في الوطن كما قال، سيما وأن نخبة من مثقفي الوطن قد شاركت قي الحفل من الرياض وجدة والمدينة والطائف والقصيم ونجران إضافة إلى مدن ومحافظات المنطقة الشرقية.

شكرا لإستقطاع وقتكم الثمين لإجراء هذا الحوار وأسأل الله لكم التوفيق.

أضف تعليقاً