أ . عالية فريد >> حديث الشهر


المصادر المالية في المجتعات الشيعية إلى أين تسير؟

21 ديسمبر 2005 - أ . عالية فريد

يمتلك المسلمون مصادر مالية كبيرة وقوية لايمكن الإستهانة بها تتمثل في الأخماس، والأوقاف، والزكاة، والنذور، والصدقات والتبرعات وغيرها، والتي شرعت كلها لإمور مهمة ومقاصد عظيمة في المجتمع الإسلامي، ولأن الإسلام منهج حياتي متكامل ومنظم فهو يضع الأسس والقواعد السليمة ضمن موازين ثابتة وأطر دقيقة في الإعتدال وتنظيم الأمور ويعتبرها كأساس للنظام المجتمعي الذي يبني الحياة السعيدة، ويسيرها بطريقة منهجية وقويمة، والتعاليم الدينية حريصة كل الحرص في توجيه المؤمن نحو تنظيم أمره، فالنصوص الدينية تدعونا إلى النظام وإتقان العمل، قال تعالى ﴿ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا ﴾[1] ، وفي الحديث عن رسول الله «إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه»[2] ، وجاء في وصية للإمام علي بن أبي طالب «أوصيكما وجميع ولدي وأهلي ومن بلغه كتابي، بتقوى الله ونظم أمركم…»[3] .وكما نعلم أن المال هو عصب الحياة وهو مقوم إستراتيجي مهم للتقدم والتطور والتنمية والبناء، وعندما شرع الحق سبحانه هذه الأموال جعلها لغايات وأهداف نبيلة مصبها النفع العام الذي يعود بالفائدة على الفرد والمجتمع والأمة.

ومن أبرز فوائدها تقديم الدعم الإقتصادي لبيت مال المسلمين، ودعم القيادة الشرعية والمؤسسات الدينية، وبناء المراكز والمؤسسات العلمية والفكرية، ومساعدة الفقراء والمحتاجين، إضافة إلى محاربة الفقر والجهل والتخلف، وصبها في كل مجالات النفع العام في أعمال البر والخير.

قد ينزعج بعض القراء من هذا الموضوع وربما ينتفض في وجهي كل مسؤول عن هذا الشأن ويصفني بالعيش في المثالية وعالم الأحلام مع أنني أتحدث عن واقع لامثاليات.

إن مايؤسفني كثيرا التعامل بثقافة الفوضى واللا نظام السائدة في بعض الأوساط الشيعية والتي تفتقد كثيرا إلى قنوات منظمة من قبل بعض المؤسسات الإجتماعية أو القائمين على تصريف الأموال أو الموكلين بها أفرادا أو جماعات، فهي تفتقد إلى ضبط عملية جمع وصرف وإستثمار الأموال بالشكل المناسب والصحيح، لاسيما الأموال التي خصصت للنفع العام وخدمة المجتمع وتلبية حاجاته.

وهناك ثمة أمور تستدعي إعادة النظر فيها من جديد ليتم العمل على إصلاحها وتسخيرها إستجابة للحاجات المتجددة في المجتمع وتطبيق المشاركة الأهلية لصالح الجميع بدأ من مايلي:

1- الأخماس..

الخمس فريضة مالية شرعية، أجمع الفقهاء على وجوبها لكل مكلف رجلا كان أو إمرأة قال تعالى ﴿ وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِاللّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾[4] .

وهو واجب في كل مايزيد عن مؤونة الإنسان وعياله السنوية مهما كانت وظيفته تجارية أو صناعية أو زراعية أو غيرها، فكل مؤمن مكلف يجب عليه دفع الحق الشرعي عن طريق الفقيه المرجع أو أحد وكلائه المعروفين.

ويصرف الخمس عادة في أمرين وهما:

1- سهم الفقراء والايتام والمساكين وأبناء السبيل من بني هاشم أي يعطى المال لكل من ينتسب إلى هاشم جد النبي في الماضي والحاضر والمستقبل، ويعطون الخمس بقدر حاجتهم كما يعطى غيرهم من الزكاة.

2- سهم الله والرسول والإمام، وتعود هذه الأسهم جميعها إلى الإمام وتعتبر وارد من إيرادات الدولة الإسلامية، ويمكن أن تنفق في كل مجال يرى فيه النفع والصالح العام بإذن الإمام أو من ينوب عنه، ويعطى سهم الإمام إلى الفقيه العادل ليصرفه في مجال الصالح العام للمسلمين كإعمار المساجد أو المدارس والجامعات وإنشاء الطرق والجسور والدعوة الإسلامية ونشر العلوم ومساعدة الفقراء وغيرها كما هو معلوم[5] .

ومن الجميل والرائع مايشهده واقعنا المعاصر لبعض الوكلاء والقائمين – جزاهم الله خير الجزاء – بمبادرتهم نحو تصريف بعض الأموال في أوجهها الخيرة مثل الإقراض، أو لأغراض الزواج والسكن والدراسة ودعم المشاريع الخيرية والإجتماعية التي تخدم المجتمع، ولكني أتسائل لماذا لا يتم التعامل مع هذه الأموال – الأخماس – بصورة أكبر إيجابية وأشمل حداثة وأرقى وسيلة إجتماعيا وثقافيا وحضاريا؟

فمتسوى تفاعل الناس لدفع – الحقوق الشرعية – في هبوط وصعود، وجمع التبرعات لم يعد يقارن مع السنوات الماضية ليس شحا أو بخلا فالناس كرماء والنفوس طيبة ومعطاءة ولله الحمد، لكن ضغوط الحياة ومتطلباتها تشكل عقبة أمام البذل والإنفاق وهذا لايعني أن أوجد مبررات للمتخلفين عن دفع الحقوق الشرعية، لكن كل ما أدعو إليه العمل على إيجاد مشاريع إنتاجية تمول وتخدم نفسها بنفسها بحيث تكون قادرة على بناء الأفراد وصنع الطاقات المنتجة والفاعلة، فالمساهمة في إعانة الفقير أو تقديم مساعدة لجمعية ما أو تبرع لمشروع إجتماعي قد يحل مشكلة مؤقتة، لكنه لايساهم في إنتشالها وحلها من الجذور.

يجب أن يكون الطموح أكبر والنظرة أوسع وأفضل وأشمل، فبدل أن ينصب الجهد وينحصر الطموح بكثافة عدد المساجد والحسينيات في كل زقاق وكل حارة لماذا لانفكر في تخفيف حدة الفقر وتحسين مستوى المعيشة كبناء مجمعات سكنية تؤجر أو تباع على الشباب بأقساط مريحة؟ لماذا لانساهم في بناء وتنمية قدرات المجتمع المحلي كمراكز التوعية الأسرية، ومراكز المعوقين، وإنشاء دور ورعاية للمسنين والعجزة؟ لماذا لانقيم مؤسسات نسائية تهتم بواقع الكثير من فتياتنا توفر لهن فرص التدريب والتعليم يتم فيها التركيز على نوعية الخدمات التي يتم تقديمها للمحتاجات إليها بحيث تكون متضمنة لبرامج عملية مدروسة ومخططة تضمن الإستفادة المثلى منها للقطاعات المستهدفة المرتبطة بواقع وإحتياجات المجتمع؟ أليست هذه الإمور من أوجه البر ومن الحق العام؟ ألا تعد من الوسائل التي حث عليها الشرع في مقاومة التخلف والجهل؟ ومع ذلك فإننا نرى المجتمع يتألم وهو يشاهد حالات البطالة الذي دعت بعض الشباب من ذوي الكفاءات نحو أعمال غير إنتاجية وغير مستمرة كالعمل في بعض البقالات ومحلات الخضار، أوالعمل على نقل الطالبات أو المعلمات أو في أعمال مهددة بالإنقراض وغيرها، فلماذا لايستفاد من الأموال العامة لحل هذه المشكلة؟

2- التبرعات:

تعودت مجتمعاتنا الشيعية على روح البذل والإنفاق ودعم المشاريع الخيرية والإجتماعية، وانني أحي هذه الروح العظيمة المتجذرة في مجتمعنا، حيث أن قيمة المرء دائما تتمثل في عطائه وحبه لعمل الخير ومواساته لإخوانه، وعادة ما تعكس هذه الظاهرة روح التسابق في العطاء والبذل وترمز إلى صورة جميلة ورائعة تعزز روح التكافل والتراحم والتعاطف والتعاضد في المجتمع، وتجسد حقيقة الإلتزام الديني بالقيم والمبادئ السامية التي أكد عليها القرآن الكريم كما قال تعالى جل شأنه ﴿ وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ… ﴾[6] حيث أكد المفسرون أن الإنفاق جاء بصيغة الإطلاق وهو«كل طريق شرعه الله لعباده ويدخل فيه الجهاد والحج وعمارة المساجد، ومعاونة المساكين والأيتام بل وكل أمر أمر الله به من أبواب الخير والبر»[7] .

فلماذا لا تحول الأموال السائلة من التبرعات إلى مشاريع تساهم في رفع معاناة أبناء المجتمع وتعمل على تحسين وضعهم المعيشي؟

إلى متى تستمر حالة الفوضى في جمع التبرعات لكل من هب ودب دون أن يتم تصريفها ضمن قناة واحدة وصندوق عام يضع إسترتجية لدعم وتمويل المؤسسات والمشاريع حسب الأولوية؟ أم لم يحن الوقت بعد لإعادة صياغة جديدة تعمل على تحسين وضعنا الداخلي؟

3- الأوقاف:

للأوقاف أهمية كبيرة في بناء المجتمع فهي تسهم في التنمية الإقتصادية والعلمية والإجتماعية، وهي من الأعمال المستحبة ومن الأولويات التي حث عليها الدين والسنة المطهرة، قال تعالى ﴿ لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ ﴾[8] ، وقال «إذا مات ابن آدم إنقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعوا له»[9] ، ففيه ضمان الأجر في الدنيا والآخرة، وتتمثل الأوقاف في الأموال والعقارات والأراضي أو بعض المشروعات كمزارع أومصانع يصرف نتاج ريعها على المحتاجين أو في أوجه البر المختلفة بحيث يتم الإنتفاع بها على مدى أجيال متعاقبة.

والمجتمع الشيعي يمتلك أوقافا كبيرة وكثيرة بعضها خاص للفقراء والمحتاجين وبعضها – للسادة – من قرابة الرسول وبعضها خاص بالنفع العام، وأكثرها مخصص لإحياء ذكر أهل البيت ، فالأوقاف في الأحساء المسجلة في المحكمة الشيعية بين عامي 1388 – 1409هـ كان مجموعها 3619 وقفا من مزارع وبيوت ومحلات وأراضي، وصل عدد الموقوف منها لأهل البيت 2563 وقفا وتساوي بنسبة 70%.[10] .

وفي بحث قامت به لجنة تطوعية من الشباب في جزيرة – تاروت – من محافظة القطيف، يهتم بإحصاء وحصر أوقاف جزيرة تاروت إستغرق عملها فيه أكثر من عام من تاريخ 5/2/1425 هـ إلى 1/6/1426 هـ كان مجموع الوقوفات التي تم رصدها 219 وقفا لمختلف الأغراض منها 151 وقفا خاصا بأهل البيت وتشكل نسبة 69%.

ويرى السيد حسن العوامي – من وجهاء – القطيف – أن نسبة أوقاف أهل البيت في مجمل الأوقاف في القطيف لاتقل عن 75%، وإن الأوقاف تشكل نسبة 60% من مجموع حقول القطيف التي تضم سبعمائة وثلاثين ألف نخلة على أدنى إحصاء بينها خمسمائة وعشرة آلاف نخلة منتجة بمعدل 25 كيلو للنخلة الواحدة[11] .

قضية الأوقاف في مجتمعنا قديمة وشائكة منذ زمن قديم لم تجد لها مرسى يضعها في موضعها الصحيح، وبرغم كثرتها لم يتم الإستفادة منها بالشكل المطلوب خاصة لتحسين أوضاع الشيعة، بعض هذه الوقوفات لاسيما الكبيرة تحولت إلى مخططات سكنية وبيعت أراضيها على ساكنيها بعد إن قدموا ثمرة جهدهم وحياتهم رغم أنه كان من حقهم الإستفادة منها أو من بعض قيمتها، لكن المشكلة تكمن في تسجيل بعض هذه الأوقاف وأمثالها بإسماء شخصية فتتحول بعد وفاتهم إلى إرث يتم توزيعه بين الورثة والتصرف فيه بطريقتهم الخاصة، فإما تتحول حينها إلى أوقاف مجزئة، أو تتخلى عن صيغتها الوقفية إلى أموال عامة إن لم تكن شديدة الخصوصية.

والقسم الآخر من الأوقاف تجدها معطلة أو مستغلة في أنشطة محدودة الغاية، مثل تأجير الكثير من الأراضي الذي يجهل صرف قيمة أجارها، وهل صرفت الأموال للغرض الذي أوقفت من أجله أم لا؟ ناهيك عن عدم وجود جهة إدارية أو جهاز رقابي للمحاسبة والمسائلة وبالتالي تضيع في خبر كان !! حيث تبقى الإستفادة منها معطلة ومبعثرة.

يعلق – الشيخ حسن الصفار – حول أوقاف أهل البيت في المجتمع الشيعي بأنها تتميز بميزة إضافية عما تقوم به سائر الأوقاف في المجتمعات الإسلامية، وتلك الميزة هي توفير الإستقلال للنشاط الديني والثقافي، حيث تعتمد الجهة الدينية في تمويلها على الأوقاف والخمس الشرعي، فالحوزات العلمية الدينية، وشؤون المرجعية والإفتاء وإقامة الشعائر والمناسبات الدينية، ودور الخطباء والمبلغين كل هذه المهام يجري تمويلها من واردالأوقاف والخمس، وهو مايمكنها من الإستمرارية والإستقلال المالي عن الجهات الرسمية.

وإذا كانت أوقاف أهل البيت تشكل النسبة العظمى من مجمل الأوقاف في المجتمع الشيعي، وإذا كان الدور الذي أدته في الحقبة الماضية متناسبا مع ظروف تلك المرحلة، فإن دور هذه الأوقاف في الوقت الحاضر يجب أن يخضع لمراجعة وتقويم. ذلك أن مجتمعاتنا اليوم تواجه تحديات كبيرة تستوجب إستنهاض كل الطاقات، وإستنفار كل القدرات لتحقيق مستوى من الإستجابة لتلك التحديات الخطيرة[12] .

نماذج حضارية رائدة:

على مدى تاريخ المسلمين الطويل كانت الأوقاف محط إهتمام الكثير خاصة للعلم والعلماء، ففي صقلية وحدها أكثر من ثلاثمائة مدرسة، تضم عشرات الآلاف من الطلاب، وكان التعليم فيها مجانيا، وتضم أقساما داخلية لسكن الطلاب الغرباء، ويوفر لهم الطعام والشراب وسائر الحاجات المعيشية، ومثل ذلك كان في سائر البلاد الإسلامية كتونس والقيروان والقاهرة ومكة والمدينة ودمشق وبغداد ونيسابور وبلخ وغيرها من المدن في آسيا الوسطى وتركيا والهند وإيران[13] .

ولدينا اليوم بعض الصور الحية والنماذج الرائعة في بعض المجتمعات الشيعية يمكن أن نحتذي بها، لبنان مثلا تعد الدولة المتقدمة في ثقافة المؤسسات الأهلية والمدنية وتعتبر الأفضل على مستوى العالم قياسا بعدد سكانها رغم مرورها ب15 عاما من الحرب إلا أنها واصلت دورها ونشاطها الأهلي والمدني مستفيدة من توظيف مواردها المالية في خدمة المصلحة العامة، وفي مختلف الأعمال والمشاريع الإجتماعية والإنسانية، وإستثمرتها خير إستثمار في المجالات الفكرية والثقافية، وهناك عشرات المؤسسات الضخمة والكبيرة مثل مجمع مؤسسات الإمام الصدر في – صور – التي تشرف عليها مباشرة وتديرها السيدة رباب الصدر وتضم بينها مجموعة من الإنجازات والمشاريع المتنوعة مثل روضات أطفال خاصة بالأيتام، ومعهد فني مهني خاص بالسيدات يهتم بالخياطة والتمريض والتزيين، ومصنع للحليب ومشتقات الألبان، ومركز خاص لرعاية ذوي الإحتياجات الخاصة.

وهناك المبرات الخيرية بمختلف أشكالها للسيد المرجع محمد حسين فضل الله – حفظه الله – تضم مستشفيات أشهرها مستشفى – بهمن – في حارة حريك، ومدارس، وحوزات، ومراكز للمعوقين، ودور للطباعة والنشر، ومطاعم وغيرها.

هذا بالإضافة للعلامة الراحل محمد مهدي شمس الدين – رحمه الله – فقد أسس مجمع خيري كبير يضم بين جوانحة مجموعة عديدة من المؤسسات، وهناك المبرات والأوقاف والمؤسسات الخاصة بحزب الله، كل هذه المشاريع متعددة الموارد نتيجة لحسن وتنظيم أموال الخمس والأوقاف وفي الوقت نفسه تورد وتنتج وتستثمر، إضافة إلى أنها تستقبل وتتلقى المساعدات المالية من المنظمات الإنسانية والجمعيات الخيرية.

وفي الكويت هناك بوادر جيدة بالإستفادة من الأموال في عمل مؤسسات وأنشطة تتبنى طباعة الكتب والمؤلفات.

وفي السعودية هناك الكثير من النماذج الخيرة التي تزداد يوما عن يوم تطورا ونماءا أمثال وقفيات عبد اللطيف جميل، ووقفيات الراجحي ومجموعة كبيرة من وقفيات رجال الأعمال بمبالغ ضخمة تشكل بنوك وشركات ومراكز ومؤسسات وجمعيات مذدهرة بالخير والبركة.

أما نحن وللأسف الشديد مؤسساتنا ضعيفة نتيجة لعدم توظيف الموارد المالية في هذا المجال.

كيف نتعامل مع مصادرنا المالية بصورة حضارية ومناسبة؟

وبناءا على ذلك فإني أضع هذه الإقتراحات علها تحقق الهدف المنشود وتعم بها الفائدة..

إقتراحات..

1- نحن بحاجة لإستحداث أساليب ووسائل مبتكرة في تقنين مصارفنا ومواردنا المالية لتوجهها في الوجهة الصحيحة كإنشاء مجموعة من الصناديق والمشاريع والبرامج والأنشطة التي تحقق الفائدة في تدوير المال، فبعدد المساجد والحسينيات المجتمع بحاجة إلى مراكز ثقافية وإجتماعية وبحاجة إلى بناء مرافق صحية خاصة بالعلاج الطبيعي وإلى طباعة كتب ومكتبات ومراكز خاصة بالطفولة ومراكز بحوث ودراسات إجتماعية وإحصائية مرتبطة بواقع وإحتياجات المجتمع، وهذه مسؤولية متعلقة بالمراجع ووكلائهم المحترمين، وبمدى مواكبتهم للتغيرات وإيمانهم وقناعتهم بالحاجة العصرية الملحة لصالح الناس.

2- الإنفاق الواعي تجاه أي مشروع أو عمل لأن هذا الأمر بسبب الفوضى والتخبط في بعض المواقع باتت عملية التبرعات مطية إستغلال الآخرين للكثير من أفراد المجتمع فنتيجة للبساطة التي تتحول أحيانا إلى- سزاجة – وعبر دغدغة مشاعر بعض الأشخاص يتم التأثير بهم لدعم مشروع ما مجهول الهوية والمصدر.

3- العمل على مأسسة الأوقاف وتنظيمها، بحيث توجه إلى المصالح الفعلية الدائمة لعامة الشيعة كالعمل على تأسيس صناديق للإقراض أو إيجاد مؤسسات إنتاجية كالمصانع والمؤسسات – ذات ربحية وتأثير في المجتمع – كالبنوك والمستشفيات والمدارس وفي نفس الوقت توفر فرص عمل للشباب.

4- الإستفادة والتعامل مع المؤسسات الإستشارية لصياغة مشاريع إستثمارية تعود بالنفع على مختلف الشرائح الإجتماعية تخدم شباب اليوم وجيل المستقبل.

5- توجيه الأفراد تجاه عملية الأوقاف لمال أو عين ما باتجاه مشاريع حديثة ودائمة، كتأسيس معاهد تدريب توقف عائداته لمشاريع خيرية قائمة وملموسة.

6- التخطيط والشمولية في الإستفادة من الأوقاف، فمثلا يجب أن نفرق بين أن نضع مليون ريال لتحفيظ القرآن وقراءته فقط وبين أن يوجد هذا المبلغ لإنتاج برامج خاصة بالقرآن الكريم عن طريق الحاسب الآلي ووسائل أخرى مبتكرة تساعد وتشجع على نشر القرآن وتحقق الإستفادة منه – طبعا لاشك أن كلا المشروعين يحقق الغرض المراد منه، لكن المشروع الأخير أفضل وفائدته أعم فضلا عن أرباحه المادية المتوقعة.

7- إيجاد جهات رقابية تمنع الإختلاس – كلمن أيده إله – وتحافظ على الأوقاف وهذه مسؤولية موكلة إلى المحاكم عادة، وأخص بها محكمة الأوقاف والمواريث في منطقة – القطيف – وكلي أمل وتفاؤل في قضاتها الكرام للإهتمام بهذا الموضوع لاسيما القاضي الجديد الشيخ غالب آل حماد ومعاونيه – حفظهم الله – الذي عين بمرسوم ملكي مؤخرا لتولي شؤون المنطقة، وذلك بالعمل على إيجاد لجان أو هيئات خاصة للنظر في هذا الموضوع وضرورة تحري الصدق والنزاهة والإمانة لكل من يتحمل إدارة الوقف والعمل عليه.

أخيرا:

نحن بحاجة ماسة لتعاون الجميع تدعونا في هذا الوقت أكثر من غيره لإعادة ترتيب أوراقنا، وتصحيح نظامنا الداخلي وتحسس المسؤولية بدعوة الأفراد تجاه آداء – الحقوق الشرعية – والإستمراية الفاعلة في دعم مشاريع الخير، وإلى القائمين والمسؤولين عن هذه المصارف لتنظيمها بما يتناسب مع متطلبات المجتمع وحاجاته العصرية، وبما يرمز للقوة الشيعية في المنطقة ككيان مشارك في خدمة الوطن والتنمية المجتمعية.

أضف تعليقاً