مركز إيلاف >> مقالات مختارة

  في بيتنا طفل منغولي

March 8, 2004 - محرر الموقع

تحل بالإنسان مواقف تجعله بحاجة كبيرة لخالقه , لطلب الاستعانة والصبر في كل بلاء يصيبه . فالإنسان معرض للإصابة بأمور تسره وأمور أخرى تحزنه , نحن من هؤلاء الناس اللذين أمر الله أن يبتليهم ليرى مدى صبرنا على قضائه , وإنشاء الله نكون من الصبرين وألان وبعد معاناة حملتها في صدري ، ها أنا ألان أكتبها لكم بقلمي .
نحن أسرة صغيرة ، رزقنا الله أبنتا وولد الابنة الكبرى تبلغ السابعة عشرة عاما والابنة الصغرى تبلغ السادسة عشرة وهما في المرحلة الثانوية . أما الابن الأصغر فيبلغ عمره تسعة أعوام وهو في المرحلة الابتدائية واما عن حياتنا فهي مستقرة والحمد لله .بعد ثمان سنوات من العمر ولدي بدأت اشعر بأعراض الحمل وكنت اشعر بسعادة لا توصف وكذاك أفراد أسرتي فقد كانت سعادة ابني كبيرة وكان دائما يقول لي : ( أتمنى أن يكون لي أخ العب أنا وهو مثل أصحابي ) وبعد مرور تسعة اشهر حان وقت ولادتي ورزقنا الله بطفل جميل وفرحنا كثيرا بقدومه وفرح به اخوته كثيرا . وعند مغادرتي للمستشفى طلبت من الطبيبة أن تحضر لي ابني لاخذه معي إلى البيت وأيضا كان قليل الوزن هزيل الجسم ووضعوه في حضانة المستشفى كنت أقوم بزيارته يوميا مع زوجي وفي اليوم السابع اتصل زوجي بالطبيب المعالج لولدنا ليسأله عن صحة الطفل وعن موعد مغادرته المستشفى ولكن الطبيب قال لزوجي بدون مقدمات :( أن ولدك غير طبيعي وهو طفل منغولي واليوم هو موعد خروجه من المستشفى ) وضع زوجي سماعة الهاتف وهو لا يستطيع السيطرة على نفسه من هول ما سمعه من الطبيب فهولا يعرف معنى كلمة طفل منغولي وبعد ساعات جاء زوجي ألي البيت وطلب مني الذهاب معه ألي المستشفى لإحضار طفلنا ، ولم يخبرني شئ مما قاله الطبيب ، ركبت السيارة معه وهو صامت لم يقل كلمة واحدة وكان يبدوا عليه الحزن كأنه فقد إنسان عزيز ألي قلبه .
أما أنا فقد كنت في غاية السعادة لاني ولهة لإحضار طفلي ألي البيت وعندما سألته عن سبب حزنه لم يقل شئ . وعند وصولنا ألي المستشفى كان مسرعا في خطواته وأنا خلفه حتى وصلنا ألي قسم الحضانة التي بها طفلي . أخذت طفلي من سريره وضممته ألي صدري وجلست في أحد المقاعد حتى تنتهي أجرات خروجه من المستشفى وفي هذه الإثناء كان زوجي يتحدث مع الطبيبة وأسالها عن معنى الكلام الذي قاله الطبيب وأنا في ذهول مما سمعته عند ائذ صرخت قائلة : (هل ابني متخلف عقليا ؟) اقتربت منى الطبيبة وهي تحاول التخفيف عني بقولها : ( هذا قضاء الله وقدره ) وطلبت منا أن نصبر على ما أصابنا . وبدأت تشرح لنا عن حالة طفلنا علميا وقالت( يجب أن تقوموا بعمل تحليل للكروموسومات حتى تقطع الشك باليقين ) أما أنا فلم أستطيع أن أتمالك نفسي أخذت ابكي بكاء شديدا ، وزوجي يحاول أن يخفف عني بقوله ( اصبري احمدي الله على هذا) وقال ( لا تخبري أحد عن حالة طفلنا , وخاصة اخوته حتى ينتهوا من اختباراتهم أنهم إذا علموا فانهما سوف تشغلهم عن دراستهم ولكن عندما قمنا بعمل التحاليل الخاصة بالكروماسمات بدءوا يسائلوني كثيرا عن سبب عمل هذه التحاليل بقولهم نحن أصبحنا كبار ونفهم كل شئ ولنا خلفية عن الكر ومسومات من خلال دراستنا ) لقد رويت لهم بان التحليل الذي قمنا به من اجل أن يعرفوا أن الطفل مصاب بأنيميا خاصة انه هزيل وضعيف الجسم .
وبعد أسبوعين ظهرت نتيجة التحليل وهو أن طفلنا يحمل كروم وسوم زائد وانه سوف يكون متخلف عقليا طوال حياته كنت أنا وزوجي بادي الأمر نشعر بحزن كبير على طفلنا وكنت أنا دائمة البكاء ومازلت خاصة عندما أتخيله في سن الذهاب ألي المدرسة وفي سن الشباب أحاول أن اصبر نفسي والحمد لله على هذا . وبعد أن أنهت بناتي اختباراتهم قررت أن اخبرهم عن حالة أخيهم ولكن لا ادري ماذا أقول لهم وفي يوم ذهبت أنا وزوجي ألي مركز للمعاقين وقمنا بتسجيله وكانت مقابلتهم لنا بكل حب وترحيب أشعرتنا بسعادة وراحة نفسية كبيرة بعد زيارتنا لهذا المكان وجزاهم الله خيرا . وفي أثناء انتظارنا في استراحة المركز اخذ زوجي بقراءة قصة من القصص التي يصدرها المركز شهريا كتبا أحد الأباء وكانت قصة مشابه لقصتنا مع الاختلاف البسيط فأخذتها معي ألي البيت أخذت أقراها فشعرت كأني أنا التي قمت بكتابتها بعد ذلك أعطيتها ألي بناتي , ثم سألتهم عن رأيهم فيها فقالوا أنها محزنة ومؤثرة وبعد انتهاءهم من قراءتها قلت لهم أن حالة أخيكم تماثل حالة هذا الطفلة وما أن علموا بذلك اخذوا يجهشون في البكاء ولم يصدقوا أن أخاهم معاق عقليا . أما أنا فكنت أحاول أن اخفف عنهم أقول لهم هذه إرادة الله , وما علينا ألا لصبر واشكر لله . ومع مرور الأيام بدءوا يتقبلون وضع أخيهم .

—–
موقع مركز إيلاف



أضف تعليقاً