مركز إيلاف >> مقالات مختارة

  العنف الأسري وتأثيره على الأبناء

November 8, 2004 - محرر الموقع

فقدان الإستقرار العائلي له أثر كبير على تنشئة الأولاد وتربيتهم لأنه يؤمن لهم الرعاية والطمأنينة وفقدانه يعني حرمانهم من الحياة الآمنة والتي بموجبها تمنحهم السعادة وتحقق لهم التربية السليمة والصالحة.
وفي ظل إنعدام حياة الإستقرار وإشاعة جوالإضطراب والنزاع في العلاقة بين الزوجين تؤدي إلى كارثة يكون ضحاياها هم الأبناء، حيث تجعلهم عرضة للتمزق النفسي والعاطفي ومحطة لإنتقام أحد الزوجين من الآخر بالذات إذا تعرض الأبناء للضرب. وتشير الكثير من الأبحاث والدراسات إلى أن أهم أسباب جنوح الأبناء وخاصة الأحداث تعود النسبة الغالبة منهم إلى عوائلهم التي تعاني من إضطرابات ونزاعات وعنف في الحياة الزوجية ولطبيعة العلاقة المتردية بين الأبوين ، وكذلك ملاحظة الكثيرمن الموجهين والتربويين في ساحة التعليم أن غالبية الطلاب الذين يعانون من التراجع في المستوى التعليمي والأخلاقي هم من أبناء العوائل التي تفقد الإنسجام فيما بينها . وقد أشارت بعض الأبحاث إلى أن صفع الطفل أو ضربه أو حتى تعنيفه يمكن أن يغير بشكل جوهري ودائم بنية الدماغ لديه ، وقد يؤدي ذلك إلى مشاكل سلوكية على المدى الطويل .
ولعل هذه النتيجة التي توصل إليها مستشارون كبار في مركز العيادة النفسية الملحق بكلية الطب في جامعة هارفاد الأمريكية تشكل تحديا مهما لنظريات أساسية في تربية الطفل.
يقول الدكتور مايل بايكر، الذي أشرف على فريق البحث أن هناك دليلا قويا على أن تعرض الطفل لصدمة عاطفية أو أذى نفسي في طفولته يمكن أن يؤديا إلى إصابته بتشوهات في أجزاء حساسة في الدماغ مما يجعله فريسة للقلق والإكتئاب وغير ذلك من الحالات الأخرى المماثلة في سلبياتها، ويضيف الدكنور مارتن قائلا تغير التجارب التي يمر بها شكل الدماغ، لذا يؤثر على ماهو سلبي منها، فقد تبين أن التعنيف يحدث تخريبا يؤدي إلى تغيرات دائمة في الدماغ أي أنها ليست شيئا يمكن تجاوزه في المضي قدما إلى الأمام في الحياة كلها كما نتخيل.
إستند الدكتور في آرائه هذه إلى المئات من عمليات المسح الدماغي التي أجراها فريقه على الأطفال الذين أدخلوا المستشفى نتيجة للإهمال أو الإيذاء الجسدي، واكتشف الفريق بعد مقارنة عمليات المسح تلك مع أخرى لأطفال لم يتعرضوا لأي إيذاء نفسي أو جسدي أن خدمة الأعصاب التي تصل بين قسمي الدماغ وتشكل وسيطا رئيسيا لنقل المعلومات بين جزئية كانت لدى أطفال الفئة الأولى – الذين تعرضوا للإيذاء أصغر بنسبة 40 بالمائة عن المعدل الطبيعي .
ويعني هذا أن الأمر قد ينتهي بالطفل إلى إعتماده على جزء واحد من الدماغ بدل الإستفادة من الجزئين معا.
ومعروف أن النصف الأيسر من الدماغ يسيطر على الجانب الأيمن من الجسم وهو المكان الذي يجري فيه التفكير المنطقي وإستخدام اللغة أما النصف الأيمن الذي يسطر على الجانب الأيسر من الجسم فهو المكان الذي تصدر عنه الأفكار الإبداعية والعاطفية, لذا يمكن أن يفضي عمل أحد النصفين أكثر من الآخر إلى مشكلات خطيرة.
فالأشخاص الذين عانوا من طفولة صعبة يعتمدون على النصف الأيسر من الدماغ للقيام بوظائفهم بشكل جيد لكن حينما يواجهون أذى معينا يستخدمون النصف الأيمن وهذا ما يجعلهم عاطفيين جدا لعدم وجود أي تفكير منطقي في النصف الأيسر يمكن أن يرشدهم أو يوجههم .

—–
موقع مركز إيلاف



أضف تعليقاً