مركز إيلاف >> مقالات مختارة

  معوقون ذوو احتياجات خاصة

January 10, 2004 - محرر الموقع

انتشر استخدام مصطلح (ذوي الاحتياجات الخاصة ) للدلالة على المعوقين، هروبا من هذا المصطلح الذي ينظر كثيرون إليه بأنه قاس على هذه الفئة كأنه نبذلهم ، فوجدوا أن استخدام عبارة ذوي الاحتياجات الخاصة محببة أكثر للمعوقين ولكل من يتعاطف معهم ويشاطرهم معاناتهم.
ومع أن المصطلح فيه كثير من التلطف والتحبب إلى المعوقين فأنه ليس دقيقا ومباشرا في دلالته على الفئة التي يرمز إليها ، ومصطلح ذوي الاحتياجات الخاصة هو نقيض مصطلح ذوي الاحتياجات العامة الذي ينطبق على البشر جميعهم نظرا لحاجتهم إلى الطعام والشراب والنوم وكل ما يشبع غرائزهم الطبيعية ، وكذلك التعلم أو التعليم والدواء وغيره مما تتطلبه ضرورات العيش والحياة .
وكل من تستدعي ظروفه أو خصائصه الجسدية أو الذهنية أو المرحلية حاجات خاصة خلاف تلك الحاجات العامة يمكن أن يقال إنه من ذوي الحاجات أو الاحتياجات الخاصة وليس فقط المعوقين. فهو من الناحية العلمية والاصطلاحية واللغوية غير مناسب لتحديد فئة المعوقين بعينها لأسباب عدة منها:-
1. مصطلح (ذوو الاحتياجات الخاصة ) يشمل كل فئة لها خصائص جسدية أو ذهنية أو نفسية أو سلوكية معينة مغايرة للخصائص التي يتمتع بها الأشخاص العاديون. فهو بهذا مصطلح ذو مدلول عام يدخل ضمنه فئات متعددة منها:- المعوقون ـ والمسنون ـ والموهوبون ـ والأحداث ـ وكل من يعاني من اضطرا بات نفسية دائمة فيدخلون ـ كما هو معروف ـ ضمن فئة المعوقين وتصنف إعاقاتهم بأنها إعاقات ذهنية.
2. من الناحية اللغوية لا يدل هذا المصطلح دلالة مباشرة على المعوقين ـ كما أشرنا سابقا ـ وهو لا يستند إلى أساس لغوي متين، فهل الصواب ( ذوو الاحتياجات الخاصة ) آم ( ذوو الحاجات الخاصة ) ومعروف أن اللغة العربية تتميز بأنها لغة احترازية تتجنب كل كلمة توقع بلبس أو تدخل في المدلولات وهذا واحد من أسرار ثراء هذه اللغة من حيث مفرداتها ومشتقاتها ومصطلحاتها، كما، اللغة العربية في غالبها أحادية المفردات وهي لغة الإيجاز والاختصار، وقلما نجد كلمات مركبة تركيبا إضافيا أو مزجيا يصل إلى ما تحمله عبارة ذوي الاحتياجات الخاصة التي تتكون من ثلاث كلمات. كما أن هذا المصطلح يصعب إفراده وتثنيته، فبينما نجد أن مفرد كلمة ( معوقين ) ( معوق ) وتثنيته ( معوقان )….الخ فإنه من الصعب علينا إن نقول عن مفرد (ذوي الاحتياجات الخاصة )(ذو الاحتياج الخاص ) أو (ذو احتياج خاص )وعن تثنيته(ذوا الاحتياج الخاص ) أو (ذوا احتياج خاص ) فما بلك بالتأنيث وتثنية المؤنث علاوة على ما يستدعيه السياق وموقع العبارة بمشتقاتها من الإعراب ضمن سياقها ثم هل نقول ( ذو الاحتياج الخاص ) أم ( ذو الاحتياجات الخاصة ) وكذلك الشأن في بقية التصريفات أو الاشتقاقات. وتسمية المعوق مشتقة من صفة ملازمة وهي العوق والإعاقة مصدر عاق يعوق ومن يتعرض للإعاقة فهو معوق.
3. من المنظور الشرعي يصعب تحديد الفئة المقصودة بمصطلح ذوي الاحتياجات الخاصة وهو ما قد يضيع كثيرا من الحقوق والواجبات لهذه الفئة وعليها، بل إن القران الكريم ذهب إلى أبعد من ذلك حينما سمى أشخاصا من المعوقين بصفات إعاقتهم دون حرج حتى في موطن الدفاع عنهم وهو ما تعارف الناس عليه، فسمي الأعمى والأعرج والأصم والأبكم. يقول تعالى: (ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج)ويقول تبارك وتعالى ( صم بكم عمي فهم لا يرجعون )ويقول جل وعلا ( إنك لا تسمع الموتى ولأتسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين).ويقول سبحانه :(مثل الفريقين كالأعمى والأصم والبصير والسميع ). وفي معرض الدفاع يقول عز من قائل : (عبس وتولى . أن جاءه الأعمى) فليس في هذه التسمية لمز أو نبز لهولاء.
4. من الناحية الرسمية والعلمية تستخدم كلمة المعوقين على نطاق واسع وعلى المحتويات كافة محلية وإقليمية وعربية ودولية . فعلى الصعيد المحلي صدر قرار مجلس الوزراء رقم 34 وتاريخ 10/3/ 1400هـ متضمنا الموافقة على اللائحة الأساسية لبرنامج تأهيل المعوقين بالصيغة المرافقة لهذا القرار . وقد نصت المادة الثالثة من ألائحة على تشكيل لجنة تنسيق خدمات المعوقين من عدد من الوزارات المعنية بشؤون المعوقين . كما صدرت من المقام السامي قرارات بإدخال تعديلات على بعض مواد ألائحة أو إحداث مميزات خاصة بخدمات المعوقين . وأخر هذه القرارات والأنظمة نظام رعاية المعوقين الصادر بالمرسوم الملكي الكريم رقم م /37 في 23/ 9/ 1421هـ وفي كل هذه القرارات يستخدم مصطلح ( المعوقين ) . وعلى مستوى دول الخليج العربية فإن المصطلح الرسمي هو كلمة ( المعوقين ) وهو ما يتعارف عليه علميا ورسميا وقد ورد تعريف لهذا المصطلح وتصنيفاته في دليل مصطلحات التأهيل الذي أصدرته الجهات المعنية في دول الخليج العربية واعتماد ته جامعة الدول العربية ليعمم على كافة الدول الأعضاء فيها . وعلى الصعيد الدولي فإن منظمة التأهيل الدولية تعتمد هذا المصطلح بكل ترجماته بلغات مختلفة للدلالة على الفئة المقصودة به .
5. على الرغم من وجود مصطلح ذوي الاحتياجات الخاصة في أكثر من لغة غير العربية ومنها اللغة الإنجليزية فإنه لا يطرح بديلا لمصطلح ( معوقين ) فهو يدل على فئات عدة من ضمنها فئة المعوقين . وجميع المنظمات والهيئات المحلية والإقليمية والدولية المعنية بشؤون الإعاقة تعتمد هذه التسمية دون سواها للدلالة على هذه الفئة .
6. في أثناء انعقاد المؤتمر الدولي الثاني لأبحاث الإعاقة الذي نظمته جمعية رعاية المعوقين بالتعاون مع مركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة وعقد في المملكة في 12/11/1421هـ طرح مصطلح ( المعوقين ) وتمت مناقشته إلا أنه رؤى عدم دقته حيث لا يدل مباشرة وبصفة خاصة على المعوقين فاتفق على مناسبة إبقاء المصطلح الحالي (المعوقين ) كما هو للدلالة على هذه الفئة .
لهذه الأسباب مجتمعة ولعدم استناد مصطلح (ذوي الاحتياجات الخاصة ) إلى أساس لغوي أو شرعي أو رسمي أو علمي متين ولان التوجه لدى كل الجهات والهيئات الرسمية والتطوعية منصب على التحديد الدقيق والتصنيف المحدد للفئات المستهدفة فإنه لا يمكن التعويل عليه وطرحه بديلا لمصطلح ( معوقين ). وهذا الطرح لمصطلح ذوي الاحتياجات الخاصة طرح إعلامي يمثل وجهات نظر مفادها أن المعوقين يشعرون بالحرج والأذى من هذه التسمية في حين أن الواقع المبني على دراسات مؤكدة أثبت خلاف ذلك.
وإذا كانت الرئاسة العامة لرعاية الشباب قد غيرت مسمى ( الاتحاد السعودي لرياضة ذوي الاحتياجات الخاصة ) فإننا نأمل من صاحب السمو الملكي الأمير/سلطان بن فهد بن عبد العزيز الرئيس العام لرعاية الشباب إعادة النظر في التسمية على ضوء هذا الطرح وغيره مما قد يكون طرح أو قد يطرح مستقبلا بهذا الخصوص……. والله ولي التوفيق. 

كتبها محمد ابن إبراهيم العوض
الإدارة العامة للتأهيل _ وزارة
العمل والشؤون الاجتماعية



أضف تعليقاً