مركز إيلاف >> مقالات مختارة

  في بيتنا معوق

June 15, 2010 - محرر الموقع

في بيتنا معوق

 

هذا حديث ألقي فيه الضوء على قضايا الأسرة التي تحتضن في بيتها معوقاً أو أكثر من الأطفال ذوي الاحتياجات الواحدة أو الإعاقات المتعددة.
والحقيقة أن من ينظر بعمق في هذه المسألة يلاحظ أن قضية الإعاقة بصورة عامة هي قضية حديثة علينا في بلادنا ، فقبل 40 إلى 50 عاماً لم نكن نعرف الإعاقة بمعناها الفعلي ، ولا نتابع البرامج التي تتم في انحاء العالم بهذا الصدد ، ولهذا كانت الاسرة التي فيها معوق تعاني من مشاكل معقدة ، ولا تستطيع ان تتفهم ظروف الاعاقة ، ولا كيفية إعا نة الطفل المعاق ، لتجاوز المحنة التي يمر بها أو حتى التخفيف منها.

ولهذا عندما كان يصاب انسان باعاقة عقلية يودع في مستشفى المجانين ، وان كان قد اصيب باعاقة في يديه او في قدميه يتجنبه المجتمع ، واذا اصيب باعاقه في عينه تشاءموا منه وابتعدوا عنه ، ولم تكن هناك عناية حقيقية بالانسان او الطفل المعوق.
 وشاء الله ان يهتم بقضية الاعاقة والمعوقين ، وانتشر الوعي وتطور المفهوم ليس في المدن فقط، ولكن في انحاء مختلفه من البلاد ، وحملت جمعية الاطفال المعوقين المسؤولية لمحاولة وصول فكرة العناية بالطفل المعوق والطفلة المعوقة إلى المستوى الذي يشجع الاهل على التعامل مع هذا الحدث .وشاء الله ان يكون لي الشرف المساهمة في الاجتماعات الأولى لانشاء جمعية المعوقين بمكة المكرمة ، وكان يرافقنا الشيخ الكريم إسماعيل ابو داوود رحمه الله، وبدأنا في هذا العمل الطيب وتوالت البرامج وتدفقت الاموال في سخاء ولكن الهاجس الذي كان يقلقنا كيف نوصل الرسالة إلى أهل الطفل المعوق ونعرفهم أن الدور الذي يقومون به هو دور أساسي وليس متمماً فقط لمركز الاعاقة.
وشاء الله أن التقي بسيدة جليلة نذرت نفسها لهذه الخدمة ، وهي السيدة مها ابراهيم الجفالي ، وزرتها في مركزها ، ووجدت أن السيدة قد شمرت عن سواعد العمل الصالح ، واستطاعت ان ترسم المفاهيم الأولى ، وحرصت على ربط الاسرة بهذه القضية ، وتعاوناً معاً، وتطور الأمر إلى أن أصبح اليوم لديها مركزها ومجموعة من السيدات الأخريات  اللاتي يفتخر بهن في هذا المجال.
وإستمرينا في هذا العمل . وشاء الله أن يحمل الراية الإبن العزيز الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز الذي احتضن الجمعية ووسع نشاطها ، وهذه نعمة من الله ، لأن تثقيف الأسر بعملية الإعاقة وأنواعها  وطرق التخفيف منها وطرق التعامل مع الطفل المعوق والقواعد الإجتماعية التي تحتاج الأسرة إلى تفهمها للتعامل مع هذا الطفل بدأت تنتشر ، وبدأ يخف القلق لدى الاسرة التي لديها معوق ، والتي وجدت أيادي تمتد اليها ، وان كان الدور لم يكتمل بعد ، فهناك في القرى والهجر بل حتى في بعض المدن تحتاج إلى جهود للوصول اليها .
ولكنني في حديثي هذا ، وفي أحاديثي القادمة ، إن شاء الله ، سأحاول أن أركز على واجبات الأسرة التي يكون لديها طفل معوق ، وكيفية التعامل مع هذا الطفل لإعانته على تجاوز المحنة ، وأولى هذه الخطوات هو الرضا بقضاء الله والصبر عليه ، وأنها كلما أكرمته أكرمها الله ، وكلما أعانته أعانه الله وفتح لها أبوباً من الخير وفرص الرزق.
ثم إن من واجب الأسرة أن تحاول أن تتعلم عن الإعاقة بأنواعها ثم تركز على نوع الإعاقة التي لدى الطفل ، وأفضل وسائل التعامل معه ، حتى تعينه على التحسن والتطور ، إلى أن يندمج في المجتمع ، فقد أصبح بعضهم عضواً فعالاً وشق طريقه في المجتمع وعمل في مجالات تتناسب مع قدراته ، ولكن يبقى السؤال : ماذا نفعل اذا كان في بيتنا معوق ؟ هذا ما سأحاول أن ألقي ضوء عليه في حلقة قادمة من واقع ما عايشته في هذه الجمعية ، وفي لقائي بأسر لديها أطفال يعانون من أنواع الإعاقة ، فلعلي أستطيع ، ان شاء الله ، تقديم مايعين الأسرة على كيفية التعامل الأفضل مع المعوق في المنزل ومع الأسرة ككل ومع اخوانه وأقاربه ، والله من وراء القصد ، وهو الهادي إلى سواء السبيل.

بواسطة : محمد عبده اليماني
مجلة الخطوة – العدد الخامس والخمسون – ربيع اول 1431هـ مارس 2010م.

 



أضف تعليقاً